يُقال إن المرأة نصف المجتمع، وهذا يعني أن نصف أي مجتمع في العالم هو مخبر سري لا يخفي سراً ولا يحفظ خبراً.. هذا ما أعلنته دراسة أميركية أجريت على 500 امرأة أثبتت فيها الدراسة أن المرأة لا تستطيع حفظ السر أكثر من 38 ساعة وبعدها تبدأ في التململ والإحساس بالضيق لأن لديها خبراً لابد وأن تبوح به لشخص ما.. وقالت الدراسة إن النساء غالباً ما يفشين السر لأشخاص من خارج وسطهن الاجتماعي أو أشخاص لا يعنيهم الأمر.
ولا تحب المرأة أن تبوح بالأسرار فقط لأنها تحب ذلك، بل لأنها مدفوعة من قوى داخلية نفسية وفسيولوجية، فالمرأة عادة وحتى في المجتمعات المتطورة تشعر بالضعف في مقابل الرجل لعوامل قديمة قدم الحضارات الإنسانية، هذا الإحساس يدفع المرأة بأن تعبر عن مشاعر وأحاسيس داخلية تريد أن تقول للعالم إنها أيضاً قوية وتملك ما تقوله وتؤثر في الآخرين، تسرهم وتحزنهم، تفرحهم وتغضبهم.. أما العامل الفسيولوجي فالمرأة تشعر بلذة جسدية عندما تهمس في أذن آخر فتشعره بقبولها ككائن يستحق الإنصات إليه والاقتراب منه لأنه يملك ما لا يملكه غيره.. والمؤسف أن الكثير من الأزواج يضيقون ذرعاً من المكالمات المطولة التي تجريها المرأة ويشعرون بالأسى حيال هذه العادة الموروثة من قدم الأقدمين دون مراعاة الظرف الإنساني ودون معرفة الأسباب.
هذه عادة نسائية ومرض تاريخي لا يتم علاجه بالزعيق والنعيق، فلابد من وسيلة علاج ملائمة تنسجم مع الحالة النفسية التي تعيشها المرأة، فالرجل لو اقتطع وقتاً من زمنه اليومي، واسترخى قليلاً وابتعد عن التفكير العميق في قضايا قد لا تجدها المرأة مهمة، وشرح الصدر وبحلق جيداً في عيني المرأة وقال لها بكل سرور هاتِ ما عندك فأنا كلي وجزئي أستمع بإمعان واهتمام لاستراحت المرأة ولو جزئياً وخففت من وطأة التوتر الداخلي وأطفأت نيراناً وأحزاناً وآسرت إلى الزوج ما لم تكن تبوح به لولا قبوله بالأمر الواقع، وتخليه عن عنجهية فجة، تصعِّد من الأمور وتعقد العلاقة بينه والزوجة، فما تملك الأخيرة غير أنها تمسك بالهاتف النقال وتبدأ نهارها حتى آخر ليلها في حياكة نسيج الكلام والتحدث بما ينفع وما لا ينفع، لأجل أن تشعر نفسها بأنها مهمة ولها دور في الحياة ولديها من يستمع إليها ويبادلها المودة بدون تذمر وتبرم وعبوس وقنوط وطي الحاجبين.. الصدور المتوالية تجعل المرأة بحاجة أكثر إلى رديف يخلي سبيل مكبوتات وعصافير تريد أن تفر من القفص لتطير وتحلق في فضاءات واسعة، الإنسان بطبعه اجتماعي والمرأة وقع عليها ظلم تاريخي منذ أن رفع أول رجل سبابته وقال لها بعنف: “أُص” فلجمت لأنها لم تستطع خنق ما بالداخل فجاء الجواب المرضي بأنها تبحث عن أقرب شخص تسر إليه وتخبره عما جرى بالأمس.. وما سيجري في الغد.


marafea@emi.ae