استمتعت بقراءة القصة المونديالية التي كان بطلها بائع بطاطا إنجليزي، فالمشجع كان يبحث عن “حمام” فوجد نفسه بالمصادفة داخل غرفة المنتخب الإنجليزي في أعقاب التعادل مع المنتخب الجزائري الشقيق وحدث ما حدث. وتبدأ القصة بدخول الأميرين ويليام وهاري لغرفة ملابس اللاعبين لمواساتهم بعد العرض السيئ أمام الجزائر، لكنهما تركا باب الغرفة مفتوحاً في الوقت الذي كان فيه أحد المشجعين الإنجليز يبحث عن حمام بعد رحيل الأميرين، فدله أحد رجال الأمن إلى أحد الممرات فوجد باباً مفتوحاً فدخله، فإذا به أمام بيكهام وجها لوجه وبعض لاعبي المنتخب الخارجين على التو من “الشاور”، سأله بيكهام من أنت، قال أنا “بافلوس” وكنت أبحث عن حمام وساد الصمت، فما كان من المشجع الإنجليزي إلا أن انتهز الفرصة ووجه كلامه للاعبين قائلاً: “تحملت مشقة الحضور إلى هنا وصرفت الأموال من أجل أن أسعد بمنتخب بلادي لكن ما فعلتموه حتى الآن عار على البلاد .. فماذا أنتم فاعلون في بقية المشوار”!، ولما وجد المشجع تأثر اللاعبين بكلامه أضاف: “أداؤكم مريع وليس جيداً بما فيه الكفاية”، وعندما استمر الصمت وجدها فرصة لإسداء النصيحة لمدرب المنتخب فابيو كابيلو “عليه أن يلعب بثلاثة مدافعين بدلاً من أربعة وأن يدخل روني إلى العمق لكي يسجل الأهداف”، هذه القصة كانت حديث الشارع الإنجليزي بعد أن ذكرت الصحافة أن رجلاً مجهولاً اقتحم غرفة ملابس اللاعبين، لكن المشجع تحدث إلى وسائل الإعلام وقال: “أنا لست مجهولا فأنا بافلوس، إنجليزي من أصل يوناني، وأعمل مستشاراً للقروض بأحد البنوك، كما أننا نمتلك مطعماً لبيع البطاطا، ولم أتسلل ولم أقتحم المكان بل كنت أبحث عن الحمام فوجدت نفسي بالمصادفة في غرفة ملابس اللاعبين وتحدثت إليهم باحترام وعدم انفعال”. وإننا إذ نلقي الضوء على هذه القصة الطريفة فلأن لها دلالتين: الأولى، هي كيف وصل المشجع إلى الغرفة بهذه السهولة في ظل هذا الحصار الأمني المضروب على كل جنوب إفريقيا فما بالك بغرف اللاعبين، والثانية تكشف إلى أي مدى تتأثر الجماهير بمنتخباتها وإلى أي مدى تصاب بالصدمة، لدرجة أن المشجع بافلوس انتهز فرصة المصادفة و عرّض نفسه للمساءلة الأمنية من أجل أن يفرغ شحنة الغضب الموجودة في داخله من وراء سوء مستوى منتخب بلاده وليكن ما يكون. بعد الفوز الكبير السهل الذي حققه المنتخب البرازيلي على منتخب كوت دي فوار أصبحت لعبة المونديال ومقدراته حتى الآن في يد منتخبات أميركا اللاتينية حيث لم يخسر أحد منهم حتى الآن، ووسط معاناة كبيرة للمنتخبات الأوروبية الشهيرة أمثال إيطاليا وإنجلترا وفرنسا وألمانيا وأسبانيا، تواصل المنتخبات الأميركية مشوارها ليس فقط البرازيل والأرجنتين بل أيضا المكسيك والأوروجواي والباراجواي، وعلى مايبدو فإن اللقب ذاهب لا محالة إما للبرازيل وإما للأرجنتين ومن يدري ربما يكون للمكسيك أو للأوروجواي رأي آخر، ولا عزاء لأوروبا. تحولت المشاركة المونديالية إلى فضائح لا تريد أن تنتهي في فرنسا لدرجة تدخل الرئيس ساركوزي الذي أدان إهانة المدرب دومينيك من قبل اللاعب أنيلكا، والغريب في الأمر حالة العصيان التي فرضها اللاعبون رغم رأي الرئيس، حيث رفضوا أداء الحصة التدريبية في أعقاب طرد زميلهم أنيلكا، ولازالت الفضائح مستمرة رغم أن المهمة لم تنته بعد، فأمام “الديوك” التي تحولت إلى “دجاجات”، مباراة أخيرة مع منتخب جنوب إفريقيا، ورغم بصيص من أمل إلا أن أحداً لا يستطيع أن يتكهن بحال الفرنسيين وكيف سيكون منتخبهم في هذه المباراة. أما بعد حالة أخرى من العصيان بدأت تلوح في الأفق داخل المنتخب الإنجليزي حيث بدأت العلاقة تسوء بين المدرب الإيطالي الكبير فابيو كابيللو واللاعبين، رغم أنف الاتحاد الإنجليزي الذي جدد العقد مع المدرب لعام 2013 مقابل 8 ملايين يورو في السنة، إنه مونديال العصيان! mahmoud_alrabiey@admedia.ae