هذه هي كأس العالم.. تلك هي البرازيل.. سيدة العالم في كرة القدم بالطبع.. اكتسحت كوت ديفوار، في وقت انتظرنا فيه من الأفيال أن يفعلوا شيئاً بعد المستوى الذي ظهروا به أمام البرتغال، ولكن لأنها «السامبا»، فقد أبت إلا أن تفرض نغمتها على البطولة، وأن تقول بملء إرادتها ومتعتها ونجومها ما تريد أن تقول. أمس الأول، خالفت رأيي الذي اقتنعت به منذ أن بدأ المونديال، حين قررت ألا أتوقع أو أتكهن وأن أترك الكرة تفعل ما تريد وأن أشجع الأجمل والأحسن والأروع دونما النظر إلى الألوان، قبل أن أعود للتخلي عن ذلك في لحظة، توقعت فيها أن تكون كوت ديفوار منافساً شرساً للبرازيليين، ومنذ أن بدأت المباراة بانت الهيمنة البرازيلية، وانطلق فابيو ورفاقه يعزفون على طريقتهم، وتفاعلت كل الأحداث مع المباراة المجنونة، فأصاب الجنون الحكم الذي أشار إلى فابيانو بعد هدفه الثاني، بما يعني أنه يعلم أن الكرة لمست يديه، وقلت : ماذا جرى للحكام، وكيف يمكن أن يرى الحكم اللاعب وهو يلمس الكرة ويحتسبها هدفاً.. أم تراه تفاعل مع الهجمة من بدايتها فاحتسبها بكامل العطاء وليس بختامها. وللمرة الأولى تقريباً أمس الأول، أشاهد فيها نجم السامبا كاكا يتعرض للطرد بعد الاحتكاك مع عبدالقادر كيتا، وهو اللاعب الذي عرف بهدوئه والتزامه، وبطبيعة الحال كان دونجا أكثر المنزعجين من هذا الطرد، باعتبار أنها المباراة الأولى التي يظهر فيها صانع ألعابه بهذا المستوى طوال الفترة الماضية. المهم أن البرازيل تبقى البرازيل، ومعها الأرجنتين، نبع الكرة الجميلة، وهما مملكتا الإبداع في عالم الساحرة المستديرة، ونجوم الفريقين لا تملك إلا أن تتوحد معهم وأن تحبهم، فبالإضافة إلى الكرة، هم يقدمون فناً، فيه الموسيقى والتمثيل والمسرح والرسم، هم من هذا الطراز المتكامل الذي يصيبك بالإمتاع حتى الإشباع. وعلى خلاف البرازيل أمس الأول، كانت إيطاليا بطلة العالم، ثقيلة، بوجهها الآخر الذي لا يحبه الإيطاليون أنفسهم، وتعادلت مع نيوزيلندا في «فصل معتاد» من «الآزوري»، غير أني أتوقع له أن يطول هذه المرة، وحتى مع الصعود المتوقع لإيطاليا، لا أعتقد أنها قادرة على أن تكون طرفاً أصيلاً في المنافسة على اللقب أو أن تذهب بعيداً، والسبب يكمن فيهم أنفسهم، فهذا الفريق لا يزال لم يصدق بعد أنه حاز اللقب الماضي، ويشعر أن هذا اللقب لم يمنحه حصانة ليكون فعلياً ضمن الكبار وضمن «المرعبين».. ليس مثل البرازيل أو الأرجنتين، متخماً بالآمال والسيادة التي تجعل اسمه كافياً بإرهاب المنافسين والنيل من معنوياتهم. بقيت أفريقيا منظمة الحدث، والتي تتقلص فرصها يوماً بعد يوم، لتؤكد أن الاستضافة شيء واللعب شيء آخر، ويبدو أن ما ردده أكثر من نجم أفريقي أن المسؤولين عن اللعبة في القارة السمراء هم سبب ما يحدث فيها، له سنده على أرض الواقع، وحتى يجد جديد، دعونا ننتظر بقية فصول «التراجيديا» على أرض أفريقيا. كلمة أخيرة البرازيل ليست «سامبا» وفقط، وإنما هي قصة شعب يعيش الكرة mohamed.albade@admedia.ae