تعرف باريس بعاصمة ومدينة النور، ليس فقط لما تحويه من معالم وشواهد تاريخية وحضارية، وإنما باعتبارها مبعث قيم عظيمة سجلت للبشرية فتحاً جديداً لترسيخ وتعزيز مفاهيم الحريات والعدالة والإخاء.
خلال الأيام القليلة الماضية كانت إحدى ضواحي المدينة على موعد مع نور الإمارات الذي سطع في معلم تاريخي خالد في تاريخ فرنسا بافتتاح مسرح قصر فونتبلو، والذي حمل اسم قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بعد أن تكفلت الإمارات بترميمه وصيانته عقب إغلاقه مع نهاية الإمبراطورية الفرنسية الثانية العام 1870، وفي القصر الذي كان ذات يوم مقراً لإقامة أربعة وثلاثين ملكاً وإمبراطوراً.
ودبت الحياة من جديد في ذلك المعلم والبناء التاريخي الفخم الذي أصبح ينقل للعالم كذلك رسالة الإمارات، بلاد زايد الخير، الرجل الذي رسم لها نهجاً متميزاً يقوم على تعزيز عرى الصداقة بالتسامح والتفاهم من خلال الالتقاء على المشتركات بين بني البشر، والفنون والثقافة جامعة للجميع. وهكذا هي الإمارات تنثر الفرح وتنشر الحياة ليلتقي الجميع حول حب الحياة والتعاون لأجل الاستمتاع والاستفادة من أجمل ما فيها. وفي الوقت الذي ينشغل فيها البعض بنشر الفتن والكراهية والإقصاء وبث التفرقة تعمل الإمارات على إبراز ما يمكن أن يحققه الإنسان من إبداع بالفن والثقافة، ونشر قيم المحبة والتسامح.
وقد لخص المعنى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، لدى حضوره افتتاح مسرح خليفة بن زايد في فونتبلو: «الثقافة بمختلف منتجاتها القماشة التي ترقع ثوب الإنسانية كلما مزقته الحروب والتطرف والإرهاب». وهو ما أكده أيضاً سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي بقوله :«الثقافة أساس البنيان الحضاري وعنوان التسامح والحوار الإنساني بين الدول والشعوب»، مهنئاً سموه عشاق الثقافة والفنون بهذا الإنجاز الحضاري الذي أسبغت عليه الإمارات من نور قناعاتها ورؤيتها الثاقبة بأن بناء مستقبل أجمل للأجيال القادمة، بعيداً عن الأحقاد والصراعات، يمر عبر جسور الثقافة والفنون التي تفتح أمامنا دائماً آفاقاً أوسع للفكر الإنساني للمزيد من الإبداع والتفاهم والالتقاء، ومن زوايا تلك الشواهد والمعالم التاريخية تتجلى الدروس والعظات والعبر بأن رقي الإنسان وازدهاره يكونان مع بروز قيم الانفتاح والتسامح والتفاعل المشترك بين الثقافات والحضارات.