«إذا كانت العربات الفارغة أكثر ضجيجاً، فمن الضرورة أن يكون هناك قانون يحمي هذا الضجيج»، صموئيل بيكيت.
الآن وبعد الضجيج وبعد العجيج، اللذين أصمّا الآذان، وأعميا الأبصار، وصار للفوضى قانون يرعى الفوضى، فمن الضرورة أن يقف الشرفاء في هذا العالم، وقفة تأمل، ووقفة تمهل، ووقفة تعقل، لأجل حماية المنجز الحضاري الرائع الذي حققته البشرية، لتحمي الإنسان من ضياع الفكرة، وغشاوة البصر وعمى البصيرة.
في الإمارات أنجز البلد روايته المحكمة، بحنكة وفطنة وحكمة الذين صدقوا في العمل، وأوفوا في الفعل، وشيدوا العقل على بنيان المعرفة الناجزة، وعمّدوا البنيان، بأوتاد الحق والحقيقة، وذهبوا بالإنسان، نحو غايات الاطمئنان، ورايات الأمان، ونسجوا حرير العلاقة بخيوط دقيقة رقيقة أنيقة، متألقة بالمعطى الحضاري، مثالاً ونموذجاً يحتذى بهما على مستوى القارات، ومحيطات السياسة، والاقتصاد والاجتماع والثقافة، الأمر الذي يستدعي منا أن نقول بصدق وصراحة، إن منجزنا الحضاري يحتاج إلى صناعة إعلامية تواكب خطوات القافلة عند كل نقطة وفاصلة، وتحاذي المسيرة ببعد وبصيرة، وتتماهى بالنور المشعشع، بكل فعل شهم مرتفع .. ولا يخفى على أحد أن المواجهة اليوم أصبحت في أوجها، والشجرة الإماراتية المثمرة، لديها ممن يحملقون ويحدقون ويبحلقون بغيرة وأحياناً بحسد وحقد، وهذا النجاح في العطاء الكامل، لا تكتمل فصوله، إذا لم يتخل الإعلام عن نقل الصورة كما هي، وبث الخبر كما تم تصديره .. الأمر يحتاج إلى إعلام يقوده منهج الصناعة، والخَلْق في تبديد كل ما يغشى وكل ما يتفشى من رذاذ مسموم، تبثه دعاية مغرضة هدفها الإسفاف والتسفيه ومحاولة مقصودة لتشويه الجمال، والتقليل من الكمال، ونشر غيمة داكنة في سماوات الله كي لا يرى الرائي سوى جزء ضئيل من الكأس المملوءة، بشهد العطاء.
مرضى الربيع الرمادي، أرادوا أن يستفيدوا من الفوضى العالمية، فانسلوا مندسين، متسللين متعللين بمذاهب وعلل ونحل، وملل، لعلّ وعسى يجدون لهم مأوى جديداً يخوضون فيه معاركهم العدوانية المدمرة، لذلك، ما يستوجب على الإعلام، ليس النقل وإنما النقل بعقل يقرأ ما بين السطور، ويتوغل في ثغور المرحلة، ليقف سداً منيعاً ضد التوحش ونكران الجميل.
الإعلام مطلوب منه أن يحلل الواقع كما ينبغي، وليس كما هو، الإعلام مطلوب منه أن يقف مع الحقيقة لا أن يتذيل خلفها، الإعلام مطلوب منه أن يصنع الخبر بما ينسجم مع الحق، وبما يحمي الصرح من نزوات من عرفوا بأنهم شياطين بأردية مختلفة، ومتلونة، وملتوية، وهدفهم الأساسي الانقلاب على الحقائق واستلاب الحق، والعبث بالغبار كي لا يرى الناس البسطاء ما وراءه، من بساتين اليقظة الحضارية، والنهضة الفكرية .. يفعلون ذلك لأنهم أعداء الحُلُم والحِلْم، والعلم، والفهم، وخير الكلم، وحس النعم .. لأنهم أعداء النور أشقاء الظلام .. فليكن الإعلام المصباح والصباح، والسد المنيع في وجه الرياح.


Uae88999@gmail.com