أصرت علي جارات الوالدة العجائز الطيبات يوم الجمعة الماضي على مرافقتهن إلى النادي الصحي القريب من المنزل، ربما رغبة منهن ليرينني كم هن عصريات وكم هن محافظات على رشاقتهن ولياقتهن الصحية، راودتني ابتسامة حاولت أن أخفيها وراء فرحتي بهن وبحيويتهن وقلت ما شاء الله عليكن انتن أكثر نشاطا وحيوية من كثير من بنات اليوم. وذهبت مستغلة الفرصة لممارسة شيء من التمارين، ووجدتني اضحك لأن إدارة النادي تعطل أيام الجمع والإجازات الرسمية، ضحكت لأن إجازات نهاية الأسبوع تعتبر في عرفي وعرف كثير من الناس انسب وقت لممارسة أنشطة رياضية أو اجتماعية. قامت إحداهن ووضعت عدتها وأخرجت القهوة والرطب و»الفوالة»، وأمرت الأخريات بالجلوس قائلة إنهن طالما التقين هنا فلا بد أن يتناولن القهوة والفوالة على أساس أن هذا من الطقوس التقليدية لجلساتهن، وإذا كانت الصالة الرياضية مغلقة فلا بأس من استغلال الوقت في تناول القهوة.. وقالت: تعطيل النادي في الإجازة الأسبوعية ليس كل شيء، فالنوادي أصبحت غالية الرسوم والأسعار، وكل شيء فيه يخضع «للبزنس» ولمزيد من الرسوم وفي النهاية يطلعوا علينا بين فترة وأخرى بأعذار الصيانة فيتم تعطيل النادي لأسابيع، ولا أحد يضع في اعتباره أننا ندفع رسوماً مقابل خدمات لا نحصل عليها. قالت أخرى: لا يدفعك للمر غير الأمرّ منه، مر علينا زمن كنا فيه لا نحتاج إلى نواد صحية، لأن اللياقة البدنية نحصل عليها من أعمالنا المنزلية ومن المشي في مشاويرنا القليلة، غير أن ذلك الزمان ولى لغير رجعة ولم يبق منه غير الذكريات الجميلة، لكن كل شيء تغير، اليوم كل شيء متوافر بسهولة وتجد نفسك لا تبذل جهدا، لدرجة الارتخاء والخواء، فهناك الخدم والحشم والسيارات، وحتى لو فكرت في المشي في «الفريج» ستصطدم «بالمنقود» والعادات والتقاليد، وقد تصطدم بكثير من الأغراب الذين يراقبونك وعيونهم التي تكاد تخترق الأجساد. كنت استمع واجمة وقد تلاشت بقايا الضحكة، وقلت ربما يكون هذا ليس هو النادي الصحي المناسب، فحتماً هناك نواد محترمة تحترم عملاءها ولا تضيع أوقاتهم أو مواردهم. قالت الأولى: بل قولي إننا في زمن العجائب، فيفترض أن يكون هذا النادي هو الأفضل والأعرق وهو الأغلى سعراً، لكن حاله كحال أشياء كثيرة دخلها الإهمال حتى سيطر، وغزاها النهب حتى الفجيعة وغابت عنها المتابعة حتى صارت كالمال السائب الذي يعلم السرقة. وجدت أنني تورطت في نقاش طويل عريض عقيم ولم أجد غير الصمت والانسحاب بهدوء. amal.almehairi@admedia.ae