قال إيمانويل كانط: «ما يسعدني، هو هذا القلب المطمئن في صدري، وهذه السماء المرصعة بالنجوم فوق رأسي».
عندما يكون القلب مثل مرآة صقيلة، نستطيع أن نرى النجوم في السماء، وهي تتلألأ، مثل مصابيح عملاقة. كما نستطيع أن نرى العالم يرفل بحرير الفرح.
كل الأشياء من حولنا تبدو رائعة عندما نكون نحن في أتم العافية النفسية، وعندما يذهب الزبد بعيداً عن شواطئنا.
نحن الذين نرسم اللوحة، بأناملنا ونحن الذين نضع على أشجار الحياة ثمار البهجة، ولا أحد غيرنا. فلا مال ولا ولد ولا قوة يمكن أن تجلب لنا السعادة إذا لم يمتلئ هذا الكائن السحري الرابض في الصدر بالحب.
الحب هو النظرية الخالدة التي لا يمكن أن ينقضها، أو يدحضها أي عقل مهما بلغ من عبقرية. الحب وحده الإكسير الذي يمنح الحياة رونقها، وأناقتها ورشاقتها، وروعتها، وإبداعها، ونبوغها، وبلوغها المجد والسؤدد.
فلنتخيل أسرة لا يجمعها الحب، ماذا يمكن أن يؤلف بين أفرادها، في زمن تعددت فيه الرغبات، وتباينت فيه المطالب وتعارضت فيه الطموحات، واختلفت فيه الأفكار، وتناقضت فيه الآراء؟
الحب وحده الذي يستطيع أن يعقد الصلح بين كل هذه الألوان، ويمد يد الصفح في كل المواقف، والمراحل. ليست هذه رومانسية زائدة، وليس هذا خروجا عن القاعدة في حياتنا. هذه هي حقيقة الأشياء، وهي منوال التاريخ الذي تفرضه فطرتنا، وأبدية علاقتنا مع الوجود.
الحب حرفان يجمعان كل ما يشمل حياتنا؛ فنحن في حرف الحاء، حياتنا، وفي حرف الباء، بحرنا المشترك. ولأن كل شيء على هذه الأرض جاء من الماء، ولأن كل شيء يصبو إلى الحياة فإن الحب هو عاملنا المشترك، وهو عالمنا الحقيقي الذي ربما تفجرت في وجهه بعض نوازعنا الشريرة، مما شوه بعضه، وسوف بعضه الآخر، ولكن الإنسان في طريقه إلى الحب، يحتاج إلى مصباح كي يرى تلك البقعة البيضاء وسط العتمة، الإنسان يحتاج إلى مصباح العقل الصافي، كي يكتشف مصيره، وكي يصل إلى حقيقة ما يرمي إليه الحب.
ليست هذه قصة خيالية عندما نقول إن الحب مفتاح البيت الكبير، الحب فضاؤنا الذي يجب أن تحلق فيه طيورنا، وأن تغني للحياة، من دون تصعد، ولا تبدد، ولا تقدد، ولا تكبد إثم التشققات التي تحدث أثناء القفز من قمة جبل الكراهية.
الحب وحدتنا التي تلاشت جراء ارتيابنا من الآخر، الحب نغمتنا التي تشوهت، إثر خوضنا في الضجيج.
الحب جمالنا الذي اختبأ تحت ملاءة رثة، قذفتها لنا نفس أمارة.