لم تكن تلك السقطة الأولى لشبكة أنباء عالمية بحجم وكالة «رويترز» وهي تحاول «النفخ» في حادث حريق عادي ليخت في مياه جميرا، وربطه بأحداث وتوترات المنطقة، ووضعه في غير حجمه، وهو الحريق الذي أخمدته أجهزة الدفاع المدني بسرعة، وخلال دقائق معدودات، ربما أقل من الوقت الذي استغرقه خبير «النفخ والتضخيم» في إعداد خبره غير المستساغ مهنياً.
الموضوع لم يكن الحادث بحد ذاته، وإنما انحدار مهني تسقط معه المصداقية عندما يجري تضخيم الأمر من أجل الوصول للإثارة، وبهدف النيل من صورة جميلة زاهية راقية بذلت وتبذل السلطات المختصة جهداً كبيراً من أجل تقديمها للعالم الذي يتدفق عليها من كل مكان للاستمتاع بما تقدم الإمارات إجمالاً، و«دانة الدنيا» دبي من خدمات وتسهيلات ومرافق وبنى تحتية عالية الجودة، جعل منها وجهة سياحية عالمية متفوقة على عواصم ومدن تاريخية في مختلف القارات، وهي تتصدر أكثر مدن العالم أمناً وأماناً، وقد بدأت العد التنازلي لانطلاقة أكبر حدث عالمي، «إكسبو دبي 2020» الذي يُتوقع أن يزوره أكثر من 25 مليون زائر على امتداد أيامه المائة والثمانين.
يكفي اختصاصيي «النفخ» ممن أعدوا الخبر التأمل في المحيط الذي يكتبون منه ليدركوا حجم الجهد المبذول والإمكانات المرصودة لكي يعملوا بكل حرية وراحة ويسر وسهولة، وفي بيئة تقدر الكلمة المسؤولة والمهنية، وتحرص على المصداقية في العمل أولاً وأخيراً.
لا أحد يطلب منهم مديحاً أو إطناباً قدر ما هو مطلوب منهم وضع الأمور في نصابها ومسارها الصحيح ونقل الواقع والحقيقة ولا شيء أكثر من ذلك. أما اختلاق الأشياء وتضخيمها وتصويرها بأكبر وأبعد مما تحتمل، فذلك لا ينم سوى عن أمر واحد هو انهيار الأخلاق والمصداقية وغياب المهنية.
تجارب ومواقف عديدة جرى من خلالها استهداف صورة الإمارات ودبي من قبل الإعلام الخارجي، والغربي في مقدمته، خاصة من أولئك الذين يقدمون محاضرات مجاناً في «المهنية والمصداقية» وهم أبعد ما يكونون عنها، وما قصة حريق اليخت إلا نموذج للطريقة التي يعملون بها، ونمط التفكير الذي يسيطر عليهم وعلى أدائهم.
رغم كل هذه الحملات المحمومة وأخبار دس السم في العسل، تظل الإمارات ساطعة الصورة، عظيمة الإنجاز، لأن هناك منجزاً ملموساً على الأرض، يتحدث عن نفسه، ويعري بالحقائق قصص وأكاذيب خبراء «النفخ والتضخيم» ومُدعي «المهنية العالية».