ما جرى يوم الأربعاء الماضي في إحدى المدارس الخاصة بشارع الخيل في منطقة البرشاء بدبي، وطريقة تعامل الشرطة مع «الحالة» إن لم نقل «الأزمة» تمثل درساً في طريقة تعامل إدارات الاتصال المؤسسي مع أي حالة في مثل هذه المواقف.
شرارة القصة بدأت مع خبر غير دقيق على مواقع التواصل الاجتماعي عن «احتجاز» طلاب المدرسة، وطبعاً الكلمة كبيرة جداً، وتحمل معاني سلبية وخطيرة. وتذهب التفسيرات والتأويلات في اتجاهات عدة حول هوية منفذي الاحتجاز ومطالبهم وغيرها من «السيناريوهات» المحتملة. خاصة أن بعض الروايات استوحت شيئا من الإثارة الهوليوودية وهي تتحدث عن سيدة تضع قناعاً واقياً وكمامات ونظارة شمسية على وجهها تخفي ملامحها، واستخدمت بطاقة دخول لأحد أولياء الأمور. وهكذا طار الخبر في ثوان لكافة أرجاء المعمورة، واهتزت الهواتف لمعرفة سر «العملية» وغيرها من البهارات التي تتعطش لها مواقع الإثارة، هذا غير المنصات والأبواق والمواقع المعادية التي تحاول توظيف أي حدث مهما كان بسيطاً من أجل أهدافها ومشاريعها للإساءة للإمارات.
مع التقدير الكبير لشرطة دبي ودورها الكبير في التعامل مع وسائل الإعلام بكل شفافية وكذلك حرصها على إطلاع الرأي العام أولا بأول إلا أن تضارب الأنباء من جانبها وتأخر كشف تفاصيل الواقعة تحديداً لم يكن موفقاً خاصة أن الفترة التي استغرقها التوضيح لا تتناسب مع دقة الوضع وحجم القلق الذي اعترى الجميع قبل أن تتكشف أبعاد الواقعة بأن «والدة أحد الطلبة، وهي من إحدى دول أميركا اللاتينية، تركت مادة عبارة عن سائل تنظيف في المدرسة تحولت إلى «رغوة»، ما أثار قلق إدارة المدرسة، ودفعها إلى اتخاذ إجراء عاجل تمثل في إخلاء المدرسة من التلاميذ» احترازياً «بعد الحصول على موافقة هيئة المعرفة والتنمية البشرية على إيقاف الدوام المدرسي».
دوائر وجهات الاتصال في مختلف مؤسسات الدولة عليها إدراك حقيقة أن الأداء والتعامل مع الحوادث والقضايا أصبح مختلفاً تماماً في عصر وسائل ووسائط التواصل الاجتماعي. الذي يتطلب تعاملاً سريعاً مع توضيح ما يجري للجمهور بدلاً من تركه للبيانات الغامضة التي تدفعه للبحث عن الأخبار من غير مصادرها الرسمية. كما أن واقعة المدرسة تكشف عن حاجة شرائح واسعة في المجتمع للتأهيل حول كيفية التصرف في مثل هذه المواقف بدلاً من إثارة الخوف والقلق من دون داعٍ.