بات للإنترنت نطاق من التطبيقات يفوق في اتساعه أي وسيلة أخرى سبق اختراعها من وسائل الاتصال. وما زال في العالم حاليا فجوة من حيث التكنولوجيا الرقمية آخذة في الاتساع. فعدد الحواسيب في الولايات المتحدة الأميركية مثلا يفوق ما يوجد منها في بقية العالم، ما يعكس أعداد رواد الشبكة العنكبوتية على اختلاف أعراقهم ومناطقهم الجغرافية ودياناتهم ولغاتهم وثقافاتهم، حتى انك تجد غرائب وعجائب، تجسد المثل العربي القائل «عش رجبا ترى عجبا». لم تعد تلك الشبكة حكراً على الباحثين والقادرين، بل أصبحت أيضا ملاذاً للمتسولين، فظهر مصطلح «الاستجداء الالكتروني»، حيث لجأ مؤخرا إلى هذه الوسيلة بعض من يريدون خفض ديونهم الائتمانية، أو اليائسين من الحصول على نقود لتسديد تكاليف دروس الموسيقى، أو ببساطة من تعبوا من العمل ويخجلون استجداء الناس في الطرقات. يبدو أن هذه الطريقة لاقت نجاحا لدى البعض. فمثلا تقول كارين بوسناك في موقعها على شبكة الانترنت إنها سددت في نوفمبر الماضي ديونا ائتمانية تراكمت عليها أثناء إقامتها في نيويورك بلغت 20 ألف دولار بعد أن أسهم متصفحون للانترنت بأكثر من 13 ألف دولار في سبيل قضيتها. وبعد أن سددت بوسناك ديونها تقول إنها تحولت إلى مساعدة أمثالها بإرشاد متصفحي الإنترنت إلى متسولين آخرين مثل مغني الأوبرا الطموح الذي يحاول تسديد تكاليف دروس في الصوت وقروض لدراسته الجامعية. وكانت شركة ياهو استحدثت في عام 1996 تصنيف «متسولون begging» في موقع دليلها الشهير على شبكة الإنترنت، وكان يضم وقتها أربعة مواقع، لكن ميشيل هايمبورجر، كبيرة متصفحي الانترنت بالشركة، قالت إن التذبذب في النشاط والاختلاف بين المواقع دفعا إلى إعادة تسمية هذا القسم بالاستجداء الالكتروني. وأوضحت هايمبورجر أن هذا القسم يضم حاليا 51 موقعا تتراوح بين من يطلبون النقود بلا خجل، وآخرين يسعون للحصول على دعم مالي لتسديد قروض أو تكاليف علاج طبي. ريتش شميت، وهو مسوق موسيقي حر، لا يريد أقل من الظهور في برنامج تلفزيوني شهير يقدمه ديفيد ليترمان.. والنقود طبعاً، يقول شميت في هذا الصدد «الإنترنت بالنسبة لي فوضى إبداعية، كل ما أردته هو أن أترك بصمتي. لقد فكرت.. ماذا لو أن واحداً بالمئة من متصفحي الانترنت استجابوا وأرسل لي كل منهم دولاراً.. كان ذلك الباعث على هذه الفكرة». وبالفعل، جمع شميت من خلال موقعه على شبكة الانترنت الذي أنشأه قبل ثلاثة أعوام تقريبا أكثر من 4800 دولار. هناك العديد من القصص والطلبات العجيبة المضحكة المبكية تحت مظلة التسول الالكتروني.. هذا كله يبعث على التساؤل.. لماذا يرغب شخص في التبرع بنقوده التي كدّ في اكتسابها لمتسول على شبكة الانترنت؟ «عش رجبا ترى عجبا». jameelrafee@admedia.ae