لا أقول إن جوهانسبرج هي المدينة الفاضلة أو إنها بخلاف ما سمعته، فقد يكون ما يجري في بعض أنحائها المظلمة أموراً شديدة الخطورة ولكنها كما أقول مدينة كسائر المدن، فيها الصالح كما أن فيها الطالح وتقدير الأمر يبقى مسألة نسبية. قبل أن آتي إلى هنا كنت أتوقع الأسوأ فقد صوروا لي الأمر كما لو كنت ذاهباً إلى جبهات القتال على حدود رواندا التي أنهكتها الحرب الأهلية، أو أنني سوف أعيش في المنطقة التي تعرضت فيها حافلة منتخب توجو للهجوم المسلح، ولكن عندما وصلت هنا تغيرت قناعاتي التي بنيتها على عهدة الرواة الذين تطوعوا في إرهابي وإرعابي ورسم صورة سوداء عما سوف أقابله في هذه المدينة الخطيرة. نعم توجد في جوهانسبرج الكثير من المناطق الموحشة التي تشم فيها رائحة الجريمة من على بعد ولكن هل توجد مدينة على وجه الأرض يمكن القول إنها آمنة بنسبة 100%، لا أعتقد ومن تجول في شوارع أوروبا في فترة متأخرة من الليل سيعرف ما أعني. الأمر كله يتعلق بالأمن الشخصي فعلى كل إنسان يذهب إلى أي مكان أن يقوم بتأمين نفسه في المقام الأول قبل أن يطلب من الآخرين تأمينه، فنحن نتواجد في هذا المكان لحضور فعاليات كأس العالم إذن فقد جئنا لهدف محدد وكل الأماكن المتعلقة بهذا الحدث مؤمنة بشكل جيد وبالتالي تنتهي مهمة رجال الأمن في جوهانسبرج عند تأمين هذه المناطق. لا أصادر رغبة أي شخص في زيارة الأماكن السياحية والتعرف على ثقافة البلد ولكن حتى هذه الأماكن مؤمنة بشكل جيد ويعتبر التجول فيها أمراً غير خطير للراغبين، ولكن ما الذي يدفع البعض للذهاب إلى المناطق المظلمة وما الذي يجعل البعض يتجول بمفرده في شارع يخلو من المارة. من حق بلدان القارة الأفريقية أن تسجل اسمها في قائمة الدول المستضيفة وها هي كأس العالم بعد مرور ثمانين عاماً منذ انطلاقتها الأولى وجدت لنفسها موطأ قدم في القارة السمراء، ومن حق هؤلاء الناس أن يحصلوا على نصيبهم من الكعكة الكبيرة التي احتكرتها أوروبا وأميركا الجنوبية لفترة طويلة من الزمن. بعدما قدمته أفريقيا من مواهب ونجوم في الملاعب الخضراء بات من واجب كرة القدم أن تبعث الأمل في قارة أنهكتها الحروب والأمراض والمجاعة والجريمة، لقد جاءت الفرصة لكي تستفيد هذه القارة السمراء ولو قليلاً من هذه اللعبة التي خدمتها طويلاً وطويلاً. ralzaabi@hotmail.com