قاب قوسين أو أدنى
إذا أردنا التعبير عن حالة الاقتراب من تحقيق شيء قلنا «الأمر قاب قوسين أو أدنى « فما هو «القاب» لغة؟
«قاب» القاف والألف والباء.
القابُ: القَدْر.
والكلمة فيها معنيان: إبدالٌ، وقَلْبٌ. فأمّا الإبدال فالباء مبدلة من دال، والألف منقلبة من ياء، والأصل القِيدُ. قال الله تعالى: «فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ» النجم 9.
وفي «اللسان» قابَ الرجل إِذا قَرُبَ.
وتقول: بينهما قابُ قَوْسٍ، وقِـيبُ قَوْسٍ، وقادُ قَوْسٍ، وقِـيدُ قَوس أَي قَدْرُ قَوْسٍ.
ولكل قَوْس قابانِ، وهما ما بين الـمَقْبِضِ والسِّـيَةِ.
وقال بعضهم في قوله عز وجل: «فكان قابَ قَوْسَيْن»؛ أَراد قابَيْ قوْس، فَقَلَبَه.
وقيل: قابَ قَوْسَيْن، طُولَ قَوْسَين.
وفي الحديث: لَقابُ قَوسِ أَحدكم، أَو موضعُ قِدِّه من الجنة، خيرٌ من الدنيا وما فيها.
قال ابن الأثير: القاب والقِـيب بمعنى القَدْرِ، وعينها واو مِن قولهم: قَوَّبوا في الأَرض أَي أَثـَّروا فيها بوطْئِهم، وجعَلوا في مَساقيها علامات.
وقَوَّبَ الشيء: قَلَعَه من أصله.
وتَقَوَّبَ الشيءُ إِذا انْقَلَعَ من أصله.
وقابَ الطائرُ بيضته أَي فَلَقَها، فانقابت البيضة؛ وتَقَوَّبَتْ بمعنى. والقائبة والقابةُ: البَيْضة.
والقُوبُ، بالضم: الفَرْخُ.
والقُوبِـيُّ: الـمُولَعُ بأَكل الأَقْوابِ، وهي الفِراخُ؛ وأَنشد:
لـهُنَّ وللـمَشِـيبِ ومَنْ عَلاهُ، ،.... من الأَمْثالِ، قائِـبَةٌ وقُوبُ
مَثَّلَ هَرَبَ النساءِ من الشيوخ بهربِ القُوبِ، وهو الفَرْخُ، من القائبةِ، وهي البَيْضة، فيقول: لا تَرْجِـعُ الـحَسْناءُ إِلى الشيخ، كما لا يَرْجِـعُ الفرخُ إِلى البيضة.
وفي المثل: «تَخَلَّصَتْ قائبةٌ من قُوبٍ»، يُضرب مثلاً للرجل إِذا انْفَصَلَ من صاحبه.
قال أَعرابي من بني أسدٍ لتاجر اسْتَخْفَره: إِذا بَلَغْتُ بك مكان كذا، فبَرِئَتْ قائِـبةٌ من قُوبٍ أي أنا بريءٌ من خِـُفارَتِكَ.
وقال ابن هانئ: القُوَبُ قُشْوُرُ البيض؛ وقال الكميت يصِف بيضَ النعامِ:
على توائِم أَصْغى من أجِنّتِها ... إِلى وَساوِس، عنها قابتِ القُوَبُ
قال: القُوَبُ: قشور البيض. أَصْغَى من أَجنتها، يقول: لما تحرَّك الولد في البيض، تَسَمَّع إِلى وسْواس؛ جَعَلَ تلك الحركة وسوسةً. قال: وقابَتْ تَفَلَّقَت.
والقُوبُ: البَيْضُ.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، أَنه نهى عن التَّمَتُّع بالعمرة إِلى الحج، وقال: إِنكم إِن اعتمرتم في أَشهر الحج، رأَيتموها مُجْزئةً من حجكم، فَفَرَغَ حَجكم، وكانت قائِـبةً من قُوبٍ؛ ضرب هذا مثلاً لخَلاء مكة من المعتمرين سائر السنة.
والمعنى: أَن الفرخ إِذا فارق بيضته لم يعد إِليها، وكذا إِذا اعْتَمروا في أَشهر الحج، لم يعودوا إِلى مكة.
ويقال: انْقابَ المكانُ، وتَقَوَّبَ إِذا جُرِّدَ فيه مواضعُ من الشجر والكلأ.
ورجل مَليءٌ قُوَبَةٌ، مثل هُمَزة: ثابتُ الدارِ مُقِـيمٌ؛ يقال ذلك للذي لا يبرح من المنزل.
وقَوِبَ من الغُبار أَي اغْبرَّ؛
والـمُقَوَّبةُ من الأَرضين: التي يُصِـيبُها المطرُ فيبقَى في أَماكِنَ منها شجرٌ كان بها قديماً.
أبو تمام:
يومَ الفراق لقدْ خلقتَ طويلا ..... لم تُبقِ لي جلداً ولا معقولا
الصَّبرُ أَجمَلُ غَيْرَ أَن تَلَدُّداً ..... في الحُب أَحرَى أَنْ يكونَ جَمِيلا
لا تأخذيني بالزمان، فليسَ لي ... تبعاً ولستُ على الزمانِ كفيلا
أشدُدْ يديك بحبلِ نوحٍ مُعصماً ... تلقاه حَبلاً بالندى موصُولا
ذَاكَ الَّذي إِنْ كَانَ خِلَّكَ لم تَقُلْ ... يا لَيْتَني لَمْ أَتَّخِذْه خَليلا
Esmaiel.Hasan@admedia.ae