لا نريد إطلاق حكم مسبق، أو تقويض حماس المنظمين، لأن غداً بالنسبة لهم يوم حاسم، ومفترق طرق، فهم السباقون بإطلاق أول مزاد عقاري في أبوظبي. هذا بحد ذاته يعني الكثير، على الأقل سيكون المزاد بمثابة باروميتر لقياس عاملين أساسيين في السوق، الأول عنصر الرغبة، ومستوى الإقبال على العقارات، والثاني الأسعار، تبعاً للمناطق، ضمن مفهوم السعر العادل بنظر المستثمر. المنظمون يتمتعون بخبرة في مجال المزادات، ولكن في قطاع السيارات، الذي لا يتطلب حجماً هائلاً من السيولة ولديه زبائن معروفون، فضلاً عن مزادات أرقام لوحات السيارات المميزة، التي عادة ما تكون مقتصرة على النخبة، لا سيما باهظة الثمن منها التي تقدر بملايين الدراهم. ولكن دخول قطاع العقارات عملية مختلفة، وتتطلب جهوداً مضاعفة، سواء من ناحية اختيار العقارات المتاحة، أو محاولة توفير مظلات تمويلية للراغبين بالشراء، وهنا تكمن الصعوبة. العقارات متوافرة بالأصل، فإن لم يطرح المزاد عقاراً مميزاً، بسعر مميز، لم يحمل أية إضافة، وإن نظمت مزاداً في ظل الظروف الحالية بلا حضور قوي لممولين من بنوك وشركات، فشلت العملية برمتها. المنظمون سعوا إلى إدراج عقارات غير مطروحة في السوق، لضمان التميز، وألمحوا إلى وجود تمويلي شبه مؤكد في المزاد الذي يقتصر على المواطنين. ويعيدنا ذلك إلى المربع الأول، أي التمويل، الذي يعتبر الركيزة الأساسية لتسيير شؤون القطاع العقاري، وغيره من القطاعات الاقتصادية، وهو في تناقص. هناك فرصة أمام البنوك الراغبة باستغلال السيولة لإثبات “حسن النية” في مجال دعم القطاع العقاري، عبر المشاركة في تمويل الراغبين بالشراء ضمن المزاد، على أن تكون الشروط معقولة وخالية من التعقيدات. لا شك أن أحوال القطاع العقاري ليست كسابق عهدها، نشاطه محدود، سيولته شحيحة، وفوق ذلك يفتقر لعنصر “الرغبة” بضخ الأموال من قبل المستثمرين، خوفاً من المخاطرة غير المحسوبة. ومع ذلك، يستحق المزاد المتابعة والدعم، لأنه وسيلة ملائمة لتحريك القطاع، وأعتقد أن الحضور سيكون قوياً، حتى لو من باب الفضول، وما نتمناه أن تتسابق النخب على تملك العقارات، كما تتسابق على تملك أرقام لوحات السيارات المميزة. baha.haroun@admedia.ae