في البلاد العربية، أصبح كل مريض معتل مختل منحل يرفع شعار القضية بكل عشوائية وعنجهية وهمجية وروح جهنمية· في البلاد العربية يريد البعض أن يسوق الناس الى الوراء بناقة عرجاء، وأن يهتف ويسف وينسف ويخسف ويلف ويلتحف برداء الدين، والدين منه براء، منذ أن خلق الله آدم وحواء، ومنذ أن فتح الله على الناس برسالات السماء، ومنذ أن بعث الله سيد الأنبياء، ومنذ أن عرف الإنسان القراءة والكتابة من الألف حتى الياء، ومنذ أن أعشبت الأرض بنور إبراهيم أبو الأنبياء، ومنذ أن أسخى الله على عباده برسالات النجباء، وصحابتهم الأوفياء ومن تبعهم على الملة السمحاء· في البلاد العربية تخوض فئة حرب داحس تظن أنها الشهباء، وانها الوصية على الناس، وصاحبة صكوك الغفران والكبرياء، وانها سليلة وخليلة للمبادئ السمحاء، تظن أنها خيط الفجر وهي من ظلام كهوفها تلعق غصن الخنفساء، وتنهق كالضواري الشاردات في العراء، وتلحق بالذين نفقوا بلا بكاء ولا عزاء، وتصفق الأبواب على تاريخها كأنها العجوز العجفاء الشمطاء الخرقاء، وتمحق الحق، وتزهق البقاء، وترهق الدم، وتزهق أرواح الأبرياء وتقول هل من مزيد يا نار غربان الغرباء، وتسحق الأخضر وتظن أنه الشفاء· في البلاد العربية فئة نامت فحلمت وتخيلت فتهورت وتضورت، وهدمت وأعدمت، ودمرت وخربت، وخيبت ظن الأوطان، وسلبت حق الإنسان وأدمنت الشرود والعصيان، ورفعت شعاراً أصفر ذابلاً كذبول الأغصان، وقالت هيا الى الموت، يا من مات ضميره واحتسى شراب الطغيان· في بلادنا العربية فئة تحلم ولا تفهم، تتكلم ولا تعلم، تتواهم ولا تتعلم، تجزم وتحسم من غير علم، تتحدث باسم الله والدين ولا تلتزم إلا بحبل من حبال الجاهم المضرم· في البلاد العربية فئة تحورت وتسورت وانحدرت في درك أسفل من نار، وتمادت وبالغت واستبدت، واستعرت فأصيبت بالسعار· في البلاد العربية فئة كان شوقها نزقاً، وطريقها خرقاً وفكرها مزقاً، والمسافة ما بينها والحقيقة رهقاً، والصواب عنها زهقاً، والخير منها سرقا· في البلاد العربية فئة تنامت وحامت وساومت وداهمت وراهنت فخسرت وانكسرت وخارت وسارت الى دهمائها، ونحو نمائها وعشوائها وغيها وسماجة فعلها، وسذاجة قولها، وصفاقة فكرها، ورديء تصرفها· في البلاد العربية فئة أضمرت وتسلقت وطفقت، تشيع وتضيع في الأمر الفظيع والفعل الشنيع، وتهدد وتتوعد وتفسد وتكسد وترقد خلايا عدوانية طاغية باغية مستفحلة شراً مستطيراً مغيراً مكراً مفراً منغراً مقززاً مستفزاً لا يقبله عقل ولا يستسيغه منطق· في البلاد العربية فئة تختلس جنح الليل لتفتك وتعمل في الظلام لتهتك وتسير تحت الرمل لتملك ما لا حق لها أن تملكه، وتسير عكس الريح فتحبك وتصعد نحو الهاوية فتهلك، وتقول للشر هيت لك، وإليك ومنك· في البلاد العربية فئة كذبت خبراً، ودجلت أمراً ووأدت خيراً، وعقرت فكراً واستباحت دهراً، وأهدرت عمراً، وقالت إلا كما قال أبناء يعقوب عن يوسف ألقوه في الجُب، وقولوا أكله الذئب، ومن غير ذنب أو سبب تذهب الأوطان ضحية من لا يعرف الحب ولا يفهم أن الانتماء لغير الوطن جريمة لا تغتفر، وإثم أثيم لا مفر منه مهما صاغوا وراغوا وناغوا فإن من يفرط بمقدرات وطنه يلعنه الله والناس أجمعون، وزمنه·