لا يكاد يقال اليوم عن بعض الشعراء أو الأدباء، شاعر أو أديب، حتى يقع في فخ التكبر والغرور بالنفس، على الرغم أنه لم يزل في بداية طريق النجاح، فيأخذ في الطعن في القريبين قبل الأبعدين، وكأنه أمير الشعراء أو أديب الأدباء. فلا يعترف بفضل لأستاذ تتلمذ على يديه، ولا يرى شاعراً في الساحة الشعرية غيره. عجبت لحال "شويعر" ظن نفسه شاعراً وهو يعترض على أن يكون الثاني في أمسية شعرية، فأزبد وأرغد على المنظمين، وهم يوضحون له أن الأمر لا يحتاج لهذا الغضب، وأن يكون الثاني فليس أنه أقل مستوى! قيل للبحتري - وعنده المبرّد في سنة ست وسبعين ومائتين، وقد أنشد البحتري شعراً لنفسه قد كان أبو تمام قال في مثله: أنت والله أشعر من أبي تمام في هذا الشعر، قال: كلا والله، إن أبا تمام للرئيس والأستاذ، والله ما أكلت الخبز إلا به، فقال له المبرد: لله درك يا أبا الحسن، فإنك تأبى إلا شرفاً من جميع جوانبك.وفي رواية أخرى قيل للبحتري: إن الناس يزعمون أنك أشعر من أبي تمام، فقال: والله ما ينفعني هذا القول، ولا يضر أبا تمام، والله ما أكلت الخبز إلا به، ولوددت أن الأمر كان كما قالوا، ولكني والله تابع له آخذ منه لائذ به، نسيمي يركد عند هوائه، وأرضي تنخفض عند سمائه. قيل للبحتري: أيما أشعر أنت أو أبو تمام؟ فقال: جيده خير من جيدي، ورديئي خير من رديئه. قال: كان أول أمري في الشعر ونباهتي أني صرت إلى أبي تمام، وهو بحمص، فعرضت عليه شعري، وكان الشعراء يعرضون عليه أشعارهم، فأقبل علي، وترك سائر من حضر، فلما تفرقوا قال لي: أنت أشعر من أنشدني، فكيف بالله حالك؟ فشكوت خلة فكتب إلى أهل معرة النعمان، وشهد لي بالحذق بالشعر، وشفع لي إليهم وقال: امتدحهم، فصرت إليهم، فأكرموني بكتابه، ووظفوا لي أربعة آلاف درهم، فكانت أول مال أصبته. وقال علي بن يوسف في خبره: فكانت نسخة كتابه: "يصل كتابي هذا على يد الوليد أبي عبادة الطائي، وهو - على بذاذته - شاعر، فأكرموه". المتنبي: مُنَى النّفسِ في أسماءَ، لَـوْ يَستَطيعُها بِهَا وَجْدُهـا مِنْ غــــــادَةٍ وَوَلُوعُهـَـا وَقَـــــــــدْ رَاعَني مِنها الصّدودُ، وَإنّما تَصُــدّ لِشـَيبٍ في عِــــذاري يَرُوعُها حَمَلْتُ هَوَاهـــــــَا، يَوْمَ مُنعَرَجِ اللّوَى عَلى كَبِـدٍ قَـــــدْ أوْهَنَتْهــا صُدوعُها وَكُنْتُ تَبِيعَ الغَانِيَاتِ، ولـــــــــمْ يزَلْ يَــذُمّ وَفـــــــــَاءَ الغَانِيَـاتِ تَبِيعُـهَا وَحَسنَاءَ لَــــــمْ تُحسِنْ صَنيعاً، ورُبّمَا صَـبَوْتُ إلى حَســنَاءَ سِــيءَ صَنِيعُهَا Esmaiel.Hasan@admedia.ae