في أبوظبي 185 مدرسة خاصة، تضم أكثر من 165 ألف طالب وطالبة، 68 في المئة من هذه المدارس الخاصة أداؤها غير مرضٍ و20 في المئة مرضٍ و12 في المئة تعد في المستوى الجيد.. أي أن المستوى الجيد جداً لم نصل إليه بعد في مدارسنا الخاصة، وأن الغالبية من هذه المدارس يتوكأ على عصا خربة، وبعضها القليل يحاول أن يتعاطى البنادول ليخفف من حمى الإنهاك التعليمي والضعف في المستوى .. هذه الأرقام التي ذكرت كشف عنها مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، بعد تقييم استمر لمدة عامين متتاليين.. وهذه الأرقام تكشف عن حالة تعليمية راهنة تعاني منها المدارس الخاصة وتحتاج إلى علاج مكثف وسريع وإلى محاولة جادة لتنقية أجواء التعليم في بلادنا لكي لا تدع مجالاً للذين يريدون أن يتكسبوا على حساب عقول أبنائنا والذين يلهثون وراء الأرباح من دون مراعاة للقيم التعليمية والتربوية، التي تنهجها بلادنا من أجل الارتقاء بالتعليم والنهوض بالإنسان نحو آفاق التطور للحاق بركب الحضارة الإنسانية.
هذه الأرقام لا تدع مجالاً للشك أبداً، في أن التعليم في المدارس الخاصة يحتاج إلى قوة تدخل سريع وإلى إنقاذ وإسعاف لتحرير العملية التعليمية من الوهن، وتخليصها من زبد المناهج التي لا تفيد صديقاً، هذه الأرقام تضعنا أمام خيار واحد لا ثاني له وهو أننا يجب أن ننخل هذه المدارس، ثم نغسلها جيداً بالماء والصابون ثم نجففها من رطوبة ما علق بها من إهمال ولا مبالاة، ثم بعد ذلك نسمح للمدارس التي تستطيع أن تتوازى مع طموحات بلادنا وتثبت المرتكزات التي سار عليها التعليم لتؤكد أنها قادرة على تحقيق الأمنيات الكبيرة التي وضعت على عاتق كل من انخرط في هذا الفضاء التعليمي.. فالتعليم يوازي الصحة، صحة العقل مقابل صحة البدن، وإذا شفي الاثنان من عوارض التخلي عن الثوابت استطاعا أن يحققا الغايات الكبرى.. وهذه الأرقام التي كشفت تحتاج إلى تدقيق وتحقيق والدخول في صلب المعالجة وعدم السكوت على ما هو مدمر للعقل وهادم للقيم.. نحن اليوم في أمس الحاجة إلى قرارات حاسمة وجازمة تخض العملية التعليمية لننأى بأنفسنا عن مخرجات تعليمية لا تنفع إلا لعصور ما قبل الكتابة والقراءة، ولنحمي أبناءنا من الضياع في دوائر تعليمية أشبه بكانتونات ضيقة تضيق الفكر، وتحيق بالتعليم أسوأ الاحتمالات.. نحن اليوم بحاجة إلى الاستفادة القصوى من الأرقام ونضعها أمام الأعين وقدّام الوجه ولا ننسى ولا نتجاهل ولا نجعلها مجرد أرقام تقرأ أمام مؤتمر ثم تودع في ثلاجة المهملات.. نحن اليوم يجب أن نقف مع مجلس أبوظبي للتعليم ونؤازره ونعضده ونساعده على الكشف عن مزيد من الأخطاء بغرض التصحيح وتصويب ما انحرفت به عقول الذين لا يهمهم غير الحال، حتى وإن كان على حساب المصير والمستقبل.. نحن اليوم، يجب أن نتحرك بجدية ونشاط وأن نوسع من خطواتنا باتجاه ملاحقة الذين لا يعبأون بمستقبل بلادنا فالتعليم يجب أن يتوازى مع قامة الإمارات الرفيعة.
marafea@emi.ae