أصبحت المخاطبات والرسائل القصيرة عبر التويتر حروباً فاشلة وخاسرة تسيء ولا تفيد وصارت مجرد شتائم وولائم للفضائح أزاحت عن كاهلها القضايا الوطنية واتجهت صوب الإسفاف والاستخفاف بالثوابت والقيم الإنسانية، انتقلنا من الحديث في قضايا الأوطان إلى الخوض في الأعراض والأصول والفصول ما يجعل هذه المواقع مساحة وساحة لحروب قبائل وفصائل وتأليب هذا ضد هذا، ونعرف نحن والكل لا تغيب عنه مسألة مهمة وحساسة وهي أن البلدان العربية محط أنظار مؤسسات وهيئات ومنظمات دولية بيضاء لكنها بسوء وسيئات النوايا والرزايا.
التويتر اليوم صار أداة الأغراض والأعراض السيئة التي تصيب الأوطان بمقتل وبأيدي أبنائها المغرضين والمخلصين على حد سواء.. فلا تستطيع أن تفرق بين صادق وكاذب عندما تتحول النقاشات عبر التويتر إلى جدل عقيم سقيم يهشم الثوابت ويقتحم القيم ويمتطي ناقة عرجاء للوصول إلى أهداف مبهمة.. لا نستطيع أن نميز بين المخلص وسواه، إذا كان الأمر مجرد عرض عضلات وإفراز صديد لقرح وجرح وتعريض الأوطان لأسوأ كارثة اجتماعية عندما ينحاز الحوار إلى التعسف والتسفيه وبعث روح النزعات المريضة، فهذه ليست شفافية وليست حرية رأي، هذه غوغائية الهدف منها التشويش والتشويه، وإحالة الأوطان إلى محاكم إعدام فورية دون إثبات التهم.. ما يجري على التويتر يثبت وبجدارة أننا لا نحسن استخدام هذه الأداة التي يقدمها لنا غيرنا على طبق من ذهب، ما يجري يؤكد أننا لا نجيد استثمار الديمقراطية، بل نلتوي على أنفسنا ونعيد مجرى التاريخ ونعيش حياة إنسان الغاب الذي إن عجز عن مجابهة العدو فإنه يعوي أو ينبح ليدافع عن نفسه، ما يجري عبر التويتر شيء من الاستهزاء بالعقل وشيء من المرور عبر نفق معتم خانق.. ما يجري يجب أن ينبهنا إلى شيء واحد وهو أن الوطن فوق كل اعتبار ويجب أن نستفيد من تجارب الآخرين الفاشلة والمخزية ونتجنبها، ويجب أن نتعظ بما يجري في أماكن كثيرة من الوطن العربي من خزي وخذلان للإنسان الذي وعد بالمن والسلوى، والمسكين لا أكل التمر ولا الحلوى، بل لم يزل يطعم مرارة البلوى التي أحاطت به من كل مكان.
أتمنى أن يترفع الذين سقطوا في البئر وأن يستنهضوا في أنفسهم شيم الأوفياء، فهذا الوطن يستحق من الجميع الوقوف إجلالاً لأجله ولأجل منجزاته العظيمة التي يصبو للتماهي بها الغريب والبعيد.. أتمنى أن تغرس بذرة الحب فهي الناموس والناقوس والقاموس لكل مفردات العلاقة ما بين الناس وأوطانهم.


marafea@emi.ae