موظفون محتالون، وأطباء معاقون، ومؤسسات ووزارات تعاني من خلل في ضمائر بعض منتسبيها، والنتيجة فشل في الأداء وإحباط في العطاء وتعطل مصالح بشر تربطهم وبعض الوزارات التي يعمل بها البعض من الذين حيدوا الضمير وسيدوا الأنانية وتجردوا من روح التفاني والإخلاص والصدق في العمل· هذه ظاهرة أصبحت أشبه بالوباء تنتشر الآن في كثير من المؤسسات في بلادنا، وصارت جهة العمل بالنسبة لبعض الموظفين كمن يذهب إلى السجن أو كمن يساق إلى أداء الأعمال الشاقة· فهؤلاء إن ذهبوا إلى العمل وصلوا إلى مكانه متثائبين، كسالى، خاملين، يفركون أجفانهم المسغبة ويفتحون أفواههم التي تفوح منها رائحة النوم وأشياء أخرى· وهؤلاء إن وجدوا الفرصة بل أضيق فرصة فإنهم يلتمسون الأعذار الواهية على أيدي من أنيطت بهم أمانة المهنة فيتحالف النطيح والمتردي فيذهب الاثنان إلى اختراق القانون وتجاوز الأمانة وتحدي لقمة العيش الكريم والإقبال على مسؤول العمل بحجج أقرب إلى السراب وخراب الضمير، مؤسف جداً أن يخون الطبيب أمانة ويذهب بعيداً عميقاً جهة الانحراف، ويحقق مأرباً لشخص يعرف أنه لا يستحقه ويلبي له حاجة لا تخدم إلا أغراضاً نفسية ومطالب أنانية ولا أجر له في ذلك إلا ابتسامة من كائن منافق، أو كلمة مجاملة من مخلوق بنى شخصيته على المداهنة والتوافق على اختلاس حقوق بطرق غير مشروعة، بل يقف ضدها القانون موقف الحزم والجزم والصرامة· ولكن كما يقول المثل ''من أمرك، مثل من نهاك'' فهناك الكثير من الإدارات تعاني من التسيب والترهل والاختلال في التوازن والاعتلال في التعامل مع هذه الشريحة من البشر، فإذا لم يطبق القانون وإذا لم يتول المسؤول دوره كراعٍ وقائد في مؤسسة عمل فإن على الإدارة السلام، وعلى مؤسسته الخيبة والخنوع في خيام اللئام، فقضية الخيانة للعمل وفي العمل تشترك فيها أطراف كثيرة أولاً موظف غير منتم وثانياً طبيب لم يتشاف من خيانة المهنة ومدير منتهية صلاحيته· والنهاية معتمة مظلمة لمؤسسة يتحالف ضدها أشباه منتمين إلى المهنة وأنصاف بشر، فالذين يتهربون عن العمل يستندون إلى أعذار باهتة فإما اللجوء إلى ضعف الراتب أو سوء المعاملة أو عدم جدوى المهنة التي أنيطت بهم، وهؤلاء للأسف لم يسألوا أنفسهم يوماً لماذا كان كل هذا الغضب والاحتجاج على جهة العمل؟ ولماذا لم يتحرروا على الراتب الشهري الذي يتقاضونه ويحسبونه بالفلس قبل الدرهم·· لماذا لم يتعففوا عن تسلم الراتب طالما عرفوا أن المهنة التي يحتلونها غير مناسبة ولا تلبي طموحاتهم وأحلامهم· تناقض رهيب يقع في أتونه الكثير من الموظفين ومحاولات للقفز على الواقع، تباغت الكثيرين عندما لايجدون حيلة في تبرير أفعالهم وتمرير تصرفاتهم المخالفة والمجازفة باتجاه الممنوع فلا تطور ولا تقدم ولا نهضة، يقع رهينة في شرك من لا يفهم الأمانة ومن لا يعترف بحق الوطن عليه ومن لا يستوعب بقيمة اللقمة التي تأتي من عرق الجبين· فلا خطوة باتجاه المستقبل لبلد يعيش موظفو مؤسساته حالة البطالة المقنعة والإجازات الوهمية طويلة الأمد، ولا أحد يسأل ولا أحد يتوقف عند هذا الرمد، وكل ما في الأمر تبديد لطاقات وتبذير لمقدرات وطن، والله المستعان·