حسب ما جاء في أخبار الصحف فقد “أمرت محكمة الاستئناف في دبي بإحضار الرئيس السابق لشركة ديار العقارية بالقوة الجبرية يوم 29 يونيو الجاري وهو الموعد الذي حددته لجلستها المقبلة، للإدلاء بشهادته في قضية شركة ديار الثانية التي كانت محكمة الجنايات أصدرت فيها حكماً في وقت سابق بحق عضو مجلس إدارة الشركة السابق والرئيس السابق لبنك دبي الإسلامي وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة 3 سنوات وتغريمه 115 مليون درهم”، هذا هو نص الخبر، ويبقى السؤال : لماذا توجب على المحكمة اللجوء للقوة الجبرية لطلب مثول شخص للإدلاء بشهادته في واحدة من قضايا الفساد الكبيرة في دبي ؟
هل هناك من هو أكبر من القانون ؟ بالتأكيد لا يوجد لكن الغريب أن تأمر المحكمة بإحضار الشاهد بالقوة الجبرية ما يدل على وجود امتناع أو تهرب أو ربما هروب !! وقد انتشرت في فترة بداية الأزمة المالية شائعات كثيرة حول هروب عدد من المسؤولين ومديري الشركات إلى خارج الدولة بعد ثبوت تورطهم في قضايا فساد حتى قبل أن تبدأ التحقيقات، وحين بدأت الأوراق تتكشف شيئاً فشيئاً اتضح أن ما بدأ إشاعة انتهى كقضايا كبيرة في المحاكم وها هي الأخبار تتواتر يومياً عن أولئك الذين تصدروا أخبار الصحف لسنوات.. اللهم لا شماتة !!
بصراحة شديدة لقد فاجأني مبلغ الـ 115 مليون درهم المطلوب من الرئيس السابق لبنك دبي الإسلامي دفعه على سبيل الغرامة، ليس لنا تعليق على الحكم ولا اعتراض على الغرامة، فأحكام القضاء لها احترامها الشديد، لكن المبلغ يدفع للتساؤل حول المبالغ الضخمة التي تم التلاعب بها في الشركات الحكومية وشبه الحكومية، كما يدفع للتساؤل عن الرقابة والمحاسبة التي كانت غائبة تماماً عن هؤلاء المديرين الكبار الذين يتم اليوم حصر الملايين التي أهدروها وسرقوها وتلاعبوا بها !!
هؤلاء المديرون هم نوع من المديرين السيئين الذين تحدثنا عنهم في مقال الأمس، فالمدير السيئ لا يحبط موظفيه فقط، ولا يتعامل بعنجهية واستبداد مع من هم دونه في المستوى الوظيفي، إن المدير السيئ هو من يسقط مؤسسة بأكملها بين ليلة وضحاها، هو من يبيح لنفسه السرقة والرشوة والتصرف بالمال العام لأنه ينظر لنفسه بأنه فوق القانون، لأنه منح ثقة أكثر مما يجب بينما هو أقل من أن يمنح أدنى ثقة، هو من جاء بغير مؤهلات حقيقية وبلا سيرة ذاتية وظيفية تشهد له بالكفاءة والأمانة، احتل أعلى القمة بلا مقدمات وبلا أدنى منطق، متخطياً أهل الخبرة والعلم والتخصصات والشهادات ليتصدر الأخبار والصفحات والمناسبات تحت اسم المدير التنفيذي، وسط دهشة واستغراب واستياء الجميع بلا شك !!
بعض من هؤلاء الذين تصدروا المشهد لسنوات كانوا من هذه الشاكلة، وقد جاءت الأزمة المالية لتكشف المخبوء، فإذا هم مجرد فقاعات تسببوا كما قال الفريق ضاحي خلفان في أزمة دبي المالية بشكل مباشر، لينتهي معظمهم إما هارباً الى خارج البلاد أو تحت ذمة التحقيق أو في غياهب السجن ليقضي مدة عقوبة مستحقة نتيجة فساد مالي أكدته المستندات والوثائق التي تم إخضاعها لفحص وتمحيص دقيقين !!
لقد انتهى المديرون الكبار السيئون في السجون، ليعود أهل الرأي والخبرة لإدارة الدفة، بقوانين أكثر صرامة ورقابة، فالمال السايب يعلم السرقة على حد تعبير المصريين.


ayya-222@hotmail.com