تأجيل العام الدراسي إلى ما بعد عيد الفطر كان قراراً شبه متوقع، وتكراراً لما حصل العام الماضي في ظل تشابه الظروف، ولكنه لا يرتبط بقطاع التعليم وحده، رغم شعبيته العريضة. ففي هذه الأثناء، يستعد التجار لرمضان ومستلزماته التموينية والغذائية، فضلاً عن احتياجات قطاع الألبسة تأهباً للعيد، عقود الاستيراد والكميات هي الفيصل، إذ تعتمد على توقعات البيع بناء على أرقام العام الماضي، ووضع السوق ككل. القرار، الذي لاقى تأييداً واسعاً، يعيد خلط أوراق التجار، وعلى الأقل ثمة شرائح أساسية ستكون غائبة خلال شهر الصوم، على رأسها المعلمون وعائلاتهم لا سيما من المقيمين، وعائلات غير المعلمين الذين يفضلون قضاء رمضان في بلادهم. من هذه الناحية، ستضيع فرصة على السوق، فالموسم لن يكون كما يتمنى التجار، ومن المؤكد أن الطلب سيتأثر سلباً، وبالتالي تنخفض المبيعات. سيضطر التجار، بناء على ذلك، إلى تعديل عقود التوريد، إن أمكن، لا سيما الموسمية في قطاع المواد الغذائية، المرتبطة بصلاحية معينة، فضلاً عن قطاع الألبسة الذي ستفوته فرصة تنشيط عملياته من مبيعات العيد. كما أن القرار أحدث إرباكاً في مكاتب السياحة والسفر وشركات الطيران، نظراً لرغبة الكثيرين تعديل مواعيد رحلاتهم وتأجيلها تماشياً مع موعد العام الدراسي الجديد. ومع ذلك، يبقى للقرار تبعات إيجابية على المستهلكين، لا سيما المتخوفين من رالي الأسعار الرمضاني. فالضغط على الأسواق سيكون أقل، ما يبشر بموسم رمضاني “قليل الدسم” لجهة ارتفاع الأسعار، الذي عادة ما يرافق تزايد الطلب على المواد التموينية وشراهة الاستهلاك المرتبطة بشهر الصوم. قد يكون توقيت القرار مناسباً لتدارك الموقف وإعادة الحسابات مقارنة بقرار العام الماضي الذي جاء في يوليو، ولكنه لن يمر بسلام على القطاع التجاري. ليس من المبكر أن يبدأ التجار بإعادة حساب احتياجاتهم السلعية والتموينية اللازمة لرمضان، لا سيما أن الاستعدادات عادة ما تسبق الشهر الفضيل بثلاثة أشهر بالمعدل. لا توجد قرارات إيجابية أو سلبية صرفة، دائماً هناك مناصرون ومعارضون، ولكن ما يميز هذا القرار أنه حصل على “آيزو” شبه إجماع بالنسبة للرأي العام، باستثناء التجار. baha.haroun@admedia.ae