مُنذ نشأة دولة الإمارات، وجهت القيادة الرشيدة بمنح فئة ذوي الاحتياجات الخاصة كل الرعاية وبتوفير الفرص لهم، لممارسة جميع الأعمال والأنشطة المختلفة التي تتناسب مع قدراتهم الجسدية، وشرّع العديد من القوانين توطئة لدمج هذه الفئة في مجتمعها للمساهمة في مسيرة العطاء والتنمية التي تشهدها الدولة.. الشخص ذو الإعاقة إنسان قبل كل شيء، شأنه شأن أي شخص آخر وليس معنى أنه يستعمل كرسياً متحركاً أو أنه لا يسمع أو لا يرى، غير قادر على العمل، ففي تقديري أن الإعاقة ليست هي القضية، إنما القضية تكمن في توفير البيئة المناسبة التي تساعد ذوي الإعاقة على العمل. لنتمعن قليلاً الشخص السوي قد يستطيع إجادة عمل معين، لكنه بالمطلق قد لا يستطيع أداء عمل آخر بنفس المهارة، لأنه بحاجة إلى التمكين عبر التدريب لصقل بعض القدرات للقيام بالعمل بالصورة المطلوبة، ما يحدث مع المعاق مشابه لذلك إلى حد ما، فهو قد يجيد عملاً إذا تم اختياره، بما يتناسب مع إعاقته، وقد لا يحسن عملاً آخر قد لا يراعي تلك الإعاقة. المعضلة في الأساس ترتبط بدراسة مؤهلات وإمكانيات الشخص المعاق ومدى ملاءمتها للمكان الذي نقوم بتشغيله فيه، ورغم أن هناك وزارات ومؤسسات وظفت معاقين، إلا أن السؤال الذي يبقى مطروحاً، هل هناك عمل فعلي يمارسه هؤلاء المعاقون في تلك الجهات؟ أم أن التوظيف جاء من أجل الوفاء بمتطلب تشغيل المعاقين كما توجه به الجهات المعنية في الدولة؟. المستفيدون من الجمهور من الخدمات التي تقدمها أية مؤسسة لا يشغلهم كثيراً أن من قدم الخدمة لهم معاق أو سوي، فكل ما يعني الجمهور الحصول على الخدمة بالصورة المطلوبة، ولا يجب التعامل مع ذوي الإعاقة من منطلق العطف والإحسان، وإنما يتعين التعامل معهم باعتبارهم مواطنين عاديين شأنهم شأن بقية المواطنين الأسوياء عليهم دور مهم في المساهمة في بناء وطنهم. كلنا نثمن دور مؤسسات الدولة في العمل على توظيف ذوي الإعاقة، لكننا نؤكد أهمية توفير البيئة المناسبة وسط التشجيع والمساعدة للمعاق، لأداء متطلبات وظيفته بالشكل المطلوب للمساهمة في تغيير الصورة النمطية المغلوطة عن الشخص المعاق، بعض المؤسسات لديها القدرة على الابتكار لخلق وظائف لأشخاص أسوياء دون أن يكون لهم عمل حقيقي يؤدونه، وبنظرة فاحصة سترى العديد من الأقسام في مؤسسات ودوائر ووزارات بالدولة تختنق بمثل هذه النوعية من الوظائف الزئبقية، لدرجة أنهم يصبحون عالة على جهات العمل، ما يؤدي إلى ما يعرف بالبطالة المقنعة. نظرة الدول المتقدمة لذوي الإعاقة تختلف عن نظرتنا الضيقة لهم، لدرجة أنهم شغلوا مناصب رفيعة في أوطانهم، فوزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله معاق ويسير على كرسي متحرك، ورغم إعاقته إلا أنه أعطى وطنه عصارة جهده وخبرته، وكذلك الحال بالنسبة لوزير التربية والتعليم في بريطانيا. jameelrafee@admedia.ae