خَبَري، يا حبيبتي عجيب، ولا يحتمله العقلاء.. تسألينني الآن: ما الطائر؟ وما الصياد؟ وكيف حصل ما حصل؟ لن أقول لك: إن الصياد هو أنا، وإن الطائر هو أنتِ، وإن برية المطاردة تمتد بيني وبينك، وإنك أتيتني من حيث لم أطلبك، وحين كنت طلبتكِ لم تأت.. وجلستِ في كفي حين ذبلت بندقيتي وعجزت عن صيدك. أما حين طوَّحَ بي في البراري شغفي بكِ، وراءكِ، فكنتِ دائماً تبتعدين، وأبقى مثل جسرٍ بلا قدمين، معلقاً في الهواء، خلفك دائماً، حتى لو سبقتكِ. وأقول لكِ: ربما الطائر أنا وأنتِ الصياد، فمن يضمن أننا لم نتبادل هذه الأدوار والمعاني، في ما سبق لنا من حيوات؟ وأننا لن نتبادلها الآن وغداً والى آخر الزمان؟ ومن يثبت لي أني لستُ طريدتكِِ وأنا أطاردك؟ وأني شبيه بمن يصطاد أسماك البحر وهو قاعد في الشبكة، فإذا سقطت الموجة على الموجة، فمن يعرف أين يبتدئ المدّ وأين ينتهي؟ ولو كنتُ يا حبيبتي صياد بَرّ أو صياد بحر، لشرحت لك أكثر مما شرحت، وبينت لك الأشياء، وعقدت البدايات بخواتيمها، ولكنني ويا يأساهُ، لا صيّاد بر أنا ولا صيّاد بحر. ولعلّي ضارب وَدَعٍ أو قارئ كفّ. آخذ الوَدَع بكفي، مثل غجرية الرصيف، وألقي به على الرمل، وأقرأ ما تخطه القواقع المحدودبة الصغيرة أمامي من مصائر. أعني آخذ الحروف والكلمات بكفي، كما تأخذ غجرية الرصيف الوَدَع ثم ألقي بها على الورقة البيضاء، فتتشكل طوالعي كما ترين. وربما تدخلت النجوم والأفلاك في رسم الخطوط ورسم المصائر. هي القصائد يا حبيبتي هي القصائد... أأنا طريدها أم هي طريدتي؟ أأنا الصياد أم هي التي تصطادني؟ وأنتِ أيضاً أراك تدخلين في الكلمات وتخرجين وكأنك ما دخلتِ ولا خرجتِ فمن أنتِ؟ ومن أنا؟ وما الصياد؟ وما الصيد؟ وما الكلام والمتكلم؟