من بين التصنيفات الفنية التي تحتاج إلى إعادة نظر مصطلح (الفنون السبعة) الذي يعد اليوم بدائياً وينبغي تجديده واعادة تفكيك مضمونه ليتناسب والتطور الحضاري والثقافي في العالم. وقد يستغرب الجميع ان المسرح وهو (ابو الفنون) لا يندرج في الفنون السبعة التي صنفها الإغريق في العمارة والرسم والنحت والرقص والموسيقى والشعر ثم أضاف اليها أحد النقاد الايطاليين في مطلع القرن العشرين السينما وأسماها الفن السابع، بينما اليوم تتداخل الفنون وتتشعب في دائرة واسعة، كما ان بعض الفنون صارت تتبع الاخرى ولم تعد اصلا فنيا قائما بذاته كما هو الحال مع الرقص. وهناك فنون ينبغي إدراجها في هذا التصنيف وفنون ينبغي حذفها. ولو أخذنا الرقص على سبيل المثال وهو احد الاصول الأولى للفنون سنجده اليوم تابعا ورديفا للموسيقى، يتداخل معها ويرتبط بها، ومن النادر ان نجد الرقص اليوم متفردا وقائما بذاته إلا في النادر ولدى فئات معينة من الشعوب التي حافظت على تقاليد ضاربة في القدم، بينما في الماضي كان هذا الفن من الاصول الاولى للابداع الانساني وقد ولد في الاساس من فرحة الانسان بالنصر والانتشاء، وقد نجد شبيها لهذه الفرحة في ملاعب كرة القدم عندما يرقص اللاعب بعد تسجيل الاهداف ومعه تتراقص المدرجات والجمهور، لكن ذلك مجرد تعبير آني لا يرتقي الى مستوى التطور الكبير الذي دخل الى الرقص ووصل به الى مصاف الشعر والاحتراف في الأداء كما في الباليه وفي الرقص الحديث المثير حقا للاعجاب. ويختلف الرقص المحترف، عن موهبة الرقص لدى عامة الناس. فهناك في العالم من يملك القدرة على الرقص بحركات بسيطة لكنها تبدو مدهشة، وهناك من يكون الرقص لديه تعبيرا عن حالة ما بغض النظر عن مهارة الأداء وجمال التناسق الجسدي كما هو الحال مع شخصية زوربا اليوناني الذي كان يعشق ان يؤدي رقصته الخاصة التي لا يوجد لها شبه ولا تخضع لقانون في الايقاع او الاداء الا لقانونها الخاص المتمرد مثل شخصية صاحبها. ولو قارن احد بين أداء زوربا العفوي وأداء راقص محترف حديث مثل مايكل جاكسون فإن مساحة الابداع بينهما ستبدو شاسعة خصوصا وان الاخير استطاع ان يدمج الرقص بالموسيقى الى درجة اننا لا نعرف هل كان الراقص جاكسون يتبع الموسيقى ام ان الموسيقى تتبع اسلوبه في الرقص. هناك ايضا ثلاثة فنون تبدو متشابهة في أفقها النهائي وهي الرسم والنحت والعمارة، لكن العين اللماحة تستطيع ان تقرأ في هذه الفنون بعدا موسيقيا، وقد تقترب لوحة ما من حدود الشعر ولربما نجد في بعض الفنون مثل المسرح والسينما جميع هذه الفنون مجتمعة بما يشير الى ضرورة التصدي لوضع مفهوم جديد لتصنيفات الفنون وعدم الركون الى تعريف عتيق ابتكره اليونان منذ آلاف السنين ولا نزال نستخدمه حتى اليوم. akhozam@yahoo.com