لا ترتقي الأوطان إلا بحبل الأمان، ولا تحقق الشعوب نهضتها، ولا تفوز بالتطور والتحضر إلا باستقرار النسيج الاجتماعي، وأمانه واطمئنانه، وعافيته من كل شائب وخائب.. فلم يقصم ظهر الحضارات، ولم يعتم ليالي الشعوب إلا اضطراب الأمن، وخراب الزمن، بما يعكره من فقاعات وزبد.. لهذا فإن الدول المتحضرة، بنت الأمن جنباً إلى جنب مع صروح الأمن الراسخة القوية، لحفظ المكتسب، وحمايته ورعايته من أي عائق أو شائك.
والإمارات بفضل وعي قيادتها الحكيمة، استطاعت أن ترسخ جذور الأمن على أركان ثابتة وواثقة، ومن ثوابت الأمن، أولاً وأخيراً أن تكون العلاقة بين الحاكم والشعب، علاقة سليمة، معافاة من كل ما يقلق ويرهق، ويغلق نوافذ الفرقة الوطنية باتجاه نسائم الحياة، وما تبثه من فوح وبوح.. لم تتكئ الإمارات على أريكة الأمان، إلا لأن ثقافة الناس قامت منذ البدء على التآخي والتصافي، والتعافي بأمصال الحب، ما جعل بلادنا قبلة الحجيج من كل مكان، يقصدون ويقتصدون فيحصدون، ويجنون زمناً بشرياً على أرض حباها الله، بخير الطبيعة وخيار الناس، ووهبها حكمة القائمين على قيادة شأنها وشجنها، ومنحها موهبة التكيف مع الظروف حتى في أقساها وأعتاها.
ولاشيء يدرأ المخاطر إلا قوة الأواصر، ولا شيء يمنع الخطر إلا بُعد نظر من يقودون، ويحكمون، ويسوسون، بوعي وفطنة.
فهذه هي الإمارات، استلهمت العدل من عدالة السماء، واستوعبت الحكمة من حكم الدين القويم، فأمنت شر الانحراف، وقهر الانجراف إلى غايات غير غايات الأمن والاطمئنان.
الإمارات اليوم، وهي تقف عند خاصرة مخاطر تحيق في كثير من البلدان، محفوفة بالأحزان والأدران، تجد نفسها وبعون من الله، في المنطقة الباردة الخضراء، لأن قلوب من يسكنها، مقيمون وأبناء معشوشبة بالحب والتراحم، بالوعي بأهمية الوقوف كتفاً بكتف، للحفاظ على الوجود، ولمنع ذرات الغبار من التسرب في المسام.. الإمارات اليوم وبفضل القوة الدافعة الوطنية، تضرب للعالم مثالاً يحتذى به، من أن المنازل المسقوفة بالحب المطوقة بالأزاهير، لا تهاب التلوث ولا تخشى الترهل.. لذلك، فهي اليوم محط الأنظار، ومكان لاجتماع الناس على كلمة سواء، ولأن الإمارات مدّت يد العون والمساعدة، للشقيق والصديق، وبلا تفريق، فإنها تتبوأ المكان الأعلى، بالنسبة للدول التي تنسج خيوط الحرير مع كل دول العالم، مشفوعة بأنامل الحب، وبأفعال لا أقوال، ملأ صداها أسماع العالم.. الإمارات الحاضرة في كل المحافل الدولية الداعية إلى علاقات إنسانية ودولية، متكافئة، مانعة للسطو والسيطرة، جعلها بلداً يتفيأ ظلال الأمان، ويرتشف من فناجين الاطمئنان، في خطوات واثقة وثابتة وأكيدة.


marafea@emi.ae