الجمهور هو كل هذه البطولة، لقطاته.. انفعالاته.. حضوره وصوره.. وفي مباراة السعودية الماضية كان العم محمد الباهلي أجمل من كل ما حصل في المباراة، رجل كهل بقلب شاب، حضر بعصاه كي تعينه على الزمن، فما الذي يجعل هذا المسن يحضر ويمشي من مواقف السيارات إلى المدرجات ويقف في الطوابير ويتابع المباراة، في مقابل أن بإمكانه الجلوس في بيته أو مقر سكنه ويتابع من دون كل هذه التفاصيل التي قد ترهق من هو في سنه؟!
ابحث معي عن الأسباب التي جعلته يقرر الحضور، فهل هو الشغف أو حب الكرة أو تغيير الروتين أو لأنه نداء الوطن الذي أنهى الجدل وجعله يأخذ هذا القرار الصعب؟
صورته لفتت الأنظار، فالكثير ممن في سنه ينتقدون هذه الكرة التي كانوا يطلقون عليها «طمباخية»، ومن هو في سنه يرى أنها لعبة تافهة يركض خلفها اثنان وعشرون لاعباً بلا طائل، ولكنه كان مختلفاً، لم يبحث عن عذر أو دعوة أو تذكرة مجانية، بل ذهب ووقف مع نشيد وطنه، وكأنه يريد من خلال مدرجات آل مكتوم أن يرسل للجميع رسالة، وأعتقد أنها وصلت.
الصورة الأخرى تكمن في «أم علي».. المشهورة هنا في الإمارات بحضورها مع المنتخب الوطني في منافسته الكبرى، لا تبحث عن الكاميرات ولا المنصات.. كرسي متحرك وعلم صغير وتجلس وتتابع المباراة بصمت، فماذا تريد أم علي أيضاً من المنتخب، ولماذا تصر على الحضور والمعاناة؟ وفي «خليجي 21» سافرت من الإمارات إلى البحرين كي تحضر في الملعب.. ضع ألف سبب تجعلها تحضر بهذا الحرص، ولكن حين تنتهي من الأسباب اكتب عامل الوطن والمسؤولية تجاهه عنوان لكل هذا.
فهناك من يعتقد أن التمثيل الوطني أكبر من مجرد مباراة، ومن مجرد كرة أو بذل مجهود في الملعب أو تنفيذ خطة مدرب أو متابعة الحدث في التلفاز بل في الواقع هي أكبر من كل هذا.. هي مسؤولية بلا مقابل، وهي حب من دون مقابل وهي تعب وبدون أن تتلقى عليها كلمات الشكر والثناء.. كرة القدم باتت رسالة نقدم من خلالها أنفسنا في كل مجال نشغله.. من اللاعب والمسؤول والإعلامي والمشجع، وحين نتحد سنظهر أقوياء، حتى لو خسرنا فلن نسقط!

كلمة أخيرة
ما أحلى العودة إلى العين!