سُؤال تطرحه الأحداث الدامية والتغيرات المترامية والانقلابات الحامية، والطقوس المشحونة بعواطف أشبه بالعواصف، هل تتأخْوَن المنطقة؟
طبيعة الإرث التاريخي والثقافي تجافي ما يتم تسويقه وترويقه وتطويقه من مشاريع إخوانية اعتقد مسوقوها خطأ أنها البديل الحقيقي للنظام السياسي، والاجتماعي والثقافي السائد منذ بدء الخليقة وحتى الأبد، متكئين بذلك على الأخطاء السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ارتكبت في بعض الأنظمة التي نشأت فيها الأحداث الانقلابية، ونسي المسوقون أن الوجدان العربي، واللاشعور الجمعي نفض اليد واللسان، من كل ما يساق إليه من مشاريع مستوردة، من مدارس، مذهبية مجربة، وأثبتت فشلها في البلدان التي تم تطبيق مثل هذه الأيديولوجيا الجافة، والغارفة من معين تاريخ، حاد كثيراً عن سماحة الدين الحنيف، وعدالته وقدرته على التعايش مع الظروف التاريخية المتغيرة .. نجم الدين أربكان، مؤسس حزب الرفاه ثم الفضيلة خرج من تاريخ تركيا، لأنه كما يقول أحد الباحثين وضع الدين أمامه والدولة خلفه فتعثر بالدين، فوقع إلى غير رجعة، بينما من استفاد من التجربة، هو رجب طيب أردوغان وعبدالله غول، اللذان انسلخا من التجربة «الأربكانية» للنجاة من نار الغلو، ولولا برغماتية الرجلين، لما استطاع حزب العدالة والتنمية أن يواجه الداخل بقيادة العسكر المنتمين إلى الأتاتوركية الفضة، ولا أن يواجها عيون الغرب المتطلعة إلى تركيا العلمانية البحتة .. وبالرغم من الانتماء الإسلامي العريق، للرجلين (أردوغان وغول) إلا أنهما خرجا من الجلباب الأربكاني، ليرتديا ثوباً أوروبياً، لامعاً ساطعاً، ومع ذلك يظل الاتحاد الأوروبي ينظر بعين الريبة إلى البراغماتية التركية كونها لم تحقق المطلوب لا للشعب التركي ولا لتطلعات القارة المفتوحة على ثقافات الدنيا دون تأخير أو تسفير أو تقتير .. إذن الأخونة في حد ذاتها مرفوضة من الداخل لأنها تغلق وتخنق الذات الوطنية ضمن أطر على تحقق الطموح الإنساني للعيش دون أخلاق مزورة، ومرفوضة من الآخر لأنها تعمل بالطريق الواحد، ولا خيار سواه، بل هي كالبذرة التي تستورد من بيئة لأجل زرعها في بيئة أخرى، فكيف لها أن تنمو؟ بالطبع .. فالأخوة هي الوجه المغترب عن الدين الحقيقي وعن الدنيا، بل إن الأخْوَنة هي الطائرة المخطوفة فلا حل لها ولا ترحال.



marafea@emi.ae