كان الأحنف بن قيس يقول إذا عجب الناس من حلمه: إني لأجد ما تجدون، ولكني صبور.. وكان يقول وجدت الحلم أنصر لي من الرجال.. حدث رجل من بني تميم قال: حضرت مجلس الأحنف بن قيس وعنده قوم مجتمعون في أمر لهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:. إن الكرم يمنع الحرم، ما أقرب النقمة من أهل البغي، لا خير في لذة تعقب ندماً، لن يهلك من قصد ولن يفتقر من زهد، رب هزل قد عاد جداً.. من أمن الزمان خانه، ومن تعظم عليه أهانه. دعوا المزاح فإنه يورث الضغائن، وخير القول ما صدقه الفعل، احتملوا لمن أدل عليكم، واقبلوا عذر من اعتذر إليكم. أطع أخاك وإن عصاك وصله وإن جفاك. أنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك، وإياكم ومشاورة النساء، واعلم أن كفر النعمة لؤم وصحبة الجاهل شؤم. ومن الكرم الوفاء بالذمم، ما أقبح القطيعة بعد الصلة، والجفاء بعد اللطف والعداوة بعد الود. لا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان، ولا إلى البخل أسرع منك إلى البذل، واعلم أن لك من دنياك ما أصلحت به مثواك، فأنفق في حق ولا تكونن خازناً لغيرك، وإذا كان الغدر في الناس موجوداً، فالثقة بكل أحد عجز، اعرف الحق لمن عرفه لك، واعلم أن قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. ثلاث خصال ما أقولهن إلا ليعتبر معتبر، ما دخلتُ بين اثنين قط حتى يدخلاني بينهما، ولا أتيت باب أحد من هؤلاء، يعني الملوك، ما لم أدع إليه، وما حللت حبوتي إلى ما يقوم الناس إليه. وقال: ألا أدلكم على المحمدة بلا مرزئة، الخلق السجيح والكف عن القبيح، ألا أخبركم بأدوأ الداء الخلق الدني واللسان البذي. وقال: ما خان شريف، ولا كذب عاقل، ولا اغتاب مؤمن. وقال: ما ادخرت الآباء للأبناء، ولا أبقت الموتى للأحياء أفضل من اصطناع معروف عند ذوي الأحساب والآداب. وقال: كثرة الضحك تذهب الهيبة، وكثرة المزاح تذهب المروءة ، ومن لزم شيئاً عرف به.. وسمع رجلًا يقول: ما أبالي أمدحت أم ذممت! فقال له: لقد استرحت من حيث تعب الكرام. وقال: الكذوب لا حيلة له، والحسود لا راحة له، والبخيل لا مروءة له، والملول لا وفاء له.. ولا يسود سيئ الأخلاق، ومن المروءة إذا كان الرجل بخيلاً أن يكتم ذلك ويتجمل. الأعشى : لَعَمْرُكَ مَا طُـولُ هــــذا الزّمَــنْ عَلــى المَـــرْءِ، إلاّ عَنــَاءٌ مُعَــنّ يَظَــلّ رَجِيمــاً لرَيْـبِ المَنُــون، وَللسّــقْمِ فــي أهْلِــهِ وَالحَــزَنْ وهالــكِ أهــــلٍ يجنّونــــــــهُ، كَآخَــرَ فـــي قَفْــرَة ٍ لــمْ يُجَــن وـما إنْ أرى الدّهــرَ في صرفـهِ، يُغــادِرُ مــِنْ شَــــارِخٍ أوْ يَفَــنْ فهـلْ يمنعنّــي ارتيــادي البـلادِ منْ حــذرِ المـــوتِ أنْ يأتيـــنْ ألَيْـسَ أخُــو المَوْتِ مُسْتَوْثِقــاً عَليّ، وَإنْ قُلْـــتُ قَـدْ أنْســـَأنْ علـــــيّ رقيـــبٌ لــهُ حافـــظٌ، فقلْ في امـــرئٍ غلــقٍ مرتهــنْ أزالَ أذينـــة َ عــــــنْ ملكـــهِ، وأخـــرجَ مـــنْ حصنــهِ ذا يزنْ