تذكرون تعليق العجائز ودهشتهن حين يغطين وجوههن بتلك الشيله الوسمه، ويقلن لشيء يبعث على الدهشة والاستغراب والاستهجان وإيتاء المنكر: «يا الله بالستر»! تلك الجملة تلخص ما فعلته فاتنة «سناب شات» أو قام به ذلك الشاب بالتستر وراء وجوه خمس فتيات من خلال خمسة حسابات، وضحاياه من الشباب وصلوا إلى الخمسين ضحية، يعني عشرة رؤوس لكل حساب، يعني ما يبات الليل خيّال الخيل، ولا أدري كيف كان قادراً على أن يلحّق على الكلام المعسول، وكيف يوزع عواطفه الجيّاشة؟ يعني نحن أزواج مخلصون، وهي حرمة واحدة أم العيال، و«هباب» ما يلحقها شيء من نسيمنا الشحيح، فكيف وهو غير الصادق، والموزع جهده على خمسين رأساً من رؤوس الشباب، هذا لو طلب منه جملة صحيحة واحدة لكل رأس، بحسبة بسيطة خمسين جملة مفيدة أو بمعنى خمسين كذبة في اليوم على مدى عامين، هي فترة نشاطه، وتغيراته الهرمونية، احسبوها، يعني بصراحة معمل كذب متجول، ومصنع عواطف مجانية، وموزع حبال وشباك ونسيج غزل.
ولا أدري.. فقد سمعت أنه موظف لا بأس به يعني «كادر» مثلما يقول الفرنسيون، والسؤال الذي ظل يشغلني: هل هذا التنكر والتستر وراء الوجوه النسائية احتراف أم هواية يمارسها بعد انتهاء الدوام الرسمي؟ فإذا كانت احترافا فهو بالتأكيد لن ينجز معاملة واحدة في اليوم، أما إذا كانت مجرد هواية فسيلزمه الكثير من المعاونين، وعشاق الأفلام الهندية، واختصاصي ألوان وصبغ وسمكرة، وواحد من الحلّيبة الشرّيبة، تخصص استحلاب الزبائن، و«قرقشة مخابيهم»، وبتلقى «فاتنة سناب شات» لكل شيء عندها له تسعيرة، فجملة: «فديتك الغالي» لها سعر، وجملة: «لا خليت منك» من دون الغالي بالتأكيد سعرها أقل، ولا أدري كم هاتف نقال يحمل في يديه، لكي «يبد» على كل أولئك العشاق المتيمين، ربما موزع دماءهم على «اتصالات، ودو»، وفواتيره أكيد مدفوعة مسبقاً.
كنت أعتقد كلما تطورت الحياة، وتمدن الإنسان قلت الحيل، وقل الكذب، لأن كل الأمور متوفرة، وواضحة، والقيود محكمة حولها، وثمة شفافية في التعاطي، فإذا بمثل «فاتنة سناب شات» تدخل من سَمِ الخِياط، ومن خلال الشفافية نفسها، وكأن الحيل تتطور من تلقاء ذاتها، وحسب معطياتها، ولا أدري كم وعد بزواج عرفي، وزواج مسيار، وكم عين كحيلة، ووجه لا يميط اللثام عنه، كانت مداخيل لقصص غرامية وهمية، ومصائد لسحب الرجال والأموال، وكانت مداخيل مالية لذلك الشاب والموظف المرموق أو «فاتنة سناب شات» التي شلّت برقع الحياء، ولم تستح على وجهها، ولم تبال بمنكر فعلته، ومثلما قالت العجائز: «يا الله بالستر.. من مسوّدة الويه»!