الأخلاق الحميدة، لا تكفي كي نصل إلى شغاف الغيمة، ولا تكفي كي نلامس شفة النجمة. نحن بحاجة إلى إرادة الأنهار، كي نأخذ المياه الصافية إلى الحقول. الأخلاق الحميدة، قد تطيح بِنَا، وتجعلنا سجادة من الحرير، تدوسها أقدام قذرة. الأخلاق الحميدة وحدها، قد تصبح غزالة برية، تطاردها الضواري. الأخلاق الحميدة وحدها، قد تصبح مآلا لرغبات طائشة تفترس شحمها ولحمها.
الأخلاق الحميدة وحدها، تزيح عنا الغبار، لكنها لا تطرده خارج غرفنا، من غير إرادة تتحمل وزر فتح النوافذ، ليأتي الهواء الطلق، ويكنس ما علق في جدراننا.
الإرادة تتأبط الأخلاق الحميدة، وتذهب بها إلى خارج الغرف المغلقة، وهناك تبدو الحياة مكتملة وهناك تبدو الشمس ناصعة، لا تغشيها غيمة، ولا تعرقل ضوءها عتمة.
الإرادة هي العربة التي تأخذ الأخلاق الحميدة إلى الحياة، لنبني علاقات إنسانية صحية، من دون ضجيج، أو عجيج.
الإرادة وحدها التي تملك تأشيرة الدخول إلى العالم من دون أختام سوداء، وهي التي تمر عبر النهر، إلى ضفة العالم الآخر من غير توجس أو تملص من قيم الذات.
لا يكفي بأن تكون أخلاقياً، كي تجد لك مكاناً في الوجود، فالكثير من الأخلاق، والقليل من الإرادة، قد تضعك في منتصف الطريق من غير جواد يحملك إلى المرتفع، فالإنسان يتحلى بالأخلاق لا للأخلاق في ذاتها وإنما لأن يلبث على الأرض من دون الإحساس بهزات أرضية، تطيح بخطواته نحو الآخر، فالآخر، لا يستمع إلا إلى طرقات الأخف الثقيلة.
فإن تكون ضعيف الإرادة وحميد الأخلاق، فهذا لا يمنحك الضوء، كي تذهب إلى الحقل من دون عثرات، لابد من مصابيح كافية، حتى تحقق أهدافك السامية.
هكذا هي الحياة، تدعوك دائماً إلى المشي في قلب الشارع الفسيح، حتى لا يأخذك الرصيف إلى الهاوية.
عظماء زلت أقدامهم،لأنهم تأبطوا الأخلاق، وكانت قلوبهم عارية من الإرادة، كانوا مثل الجندي الشجاع، من دون سلاح، يحارب جيشاً جراراً.
هذا لا يكفي، فلا تشوه أخلاقك، بتجريدها من الإرادة، ولا تسوف الإرادة، بحرمانها من الأخلاق الحميدة، فكلاهما، ساعدا جسد واحد، فلا تبتر ذراعك، وتدعي أنك أخلاقي، ولا تبتر ذراعك، وتقول إنك شجاع.