بكل الفرح والابتهاج استقبلنا الأمطار، و«الرحمة» التي تبادلنا التهاني بحلولها مع خالص الدعوات أن تكون «صيباً نافعاً» للبلاد والعباد. وبقدر البهجة والفرح بالغيث الذي هلّ مدراراً على مناطق متفرقة من الدولة ومن بينها العاصمة، بذات القدر تكدر البعض جراء ما تسببت به من خسائر مادية إثر تجمع المياه في الطرق ودخولها للمنازل في مناطق عدة واضطرار الجهات المختصة لإجلاء السكان من بيوتهم في بعض مناطق رأس الخيمة، وبالذات في الفحلين والحيل. ذكرتني بظرف مشابه عندما حاصرتنا الأمطار في «كبرات المصفح» و«جرن يافور» قبل أربعين عاماً تقريباً.
وكانت فرق الطوارئ التابعة للبلديات ودوائر الشرطة والدفاع المدني في الميدان تقوم بعملها وبأقصى طاقتها لمواجهة تبعات أحوال مناخية غير مستقرة وأمطار غير مسبوقة، والتي نوجه لها كل الشكر والتقدير لما قامت وتقوم به بصورة تتجاوز المعنى التقليدي لكلمة واجب.
لا أحد يشكك في تلك الجهود المقدرة والإمكانيات المتاحة وسرعة الاستجابة في مواجهة ظروف وتقلبات مناخية تشهدها كل دول العالم على تفاوت الأمر وقوة العوامل الطبيعية، ولكن السؤال المطروح دائماً أين ذهبت دروس وتجارب السنوات الماضية، وذات الأخطاء تتكرر مع أول زخة مطر أو هبوب رياح؟
ما جرى عند بعض التقاطعات والأنفاق غير مقبول، وهي تغرق تحت قوة المياه، وكذلك عند المنازل التي بدت مداخلها طافية لتكشف باختصار خللاً فادحاً لعدم وجود شبكة للتصريف إلى جانب اختيار الموقع الخطأ لبناء تلك المنازل عند مجاري الأودية. مراجعة دروس الماضي ضرورية للاستفادة من الأخطاء، ومن ثم محاسبة كل مقصر لم يعد أمامه أي عذر ومبرر.
وأخيراً كلمة لشرطة أبوظبي مع تقديري لسرعة استجاباتها وإمكانياتها التقنية والبشرية الهائلة، إلا أن إغلاق جزء من شارع حيوي مثل شارع هزاع بن زايد الأول «الكترا» لمدة ثلاثة أيام بسبب لوحة تجارية عصفت بها الرياح، أمر يصعب تبريره بما تسبب فيه من إرباك وشلل للحركة، خاصة مع غياب التحذيرات والتواصل الشفاف الذي عودتنا عليه الشرطة ومنعاً لتداول شائعات مغرضة لا أساس لها.
كما أدعوها لمخالفة وتغريم أولئك الذين يصرون على الخوض بسياراتهم وسط المياه وبالذات في مناطق جريان المياه في الأودية، بنفس الطريقة التي يتقاضى بها الإسعاف رسوم توصيل عن أولئك الذين لا تستدعي حالتهم النقل بالمركبات المخصصة لنقل الحالات الطارئة.