لا أذكر متى كانت آخر مرة سمعت أو قرأت فيها خبرا يخص المجموعتين السعوديتين المتعثرتين سعد والقصيبي، على الرغم من أهمية القضية للبنوك الإماراتية كما هي الحال بالنسبة لدبي العالمية، مع الاختلاف الجوهري لصالح الأخيرة. البنوك الإماراتية تطالب سعد والقصيبي بنحو 11 مليار درهم، وهذه الديون استنزفت جزءا من أرباح العام الماضي جراء المخصصات التي اقتطعتها البنوك مقابلها، ولم تتضح الصورة بعد فيما إذا كانت ستستعيد بعض ديونها أو كلها. هناك ضبابية تحيط بملف سعد والقصيبي، البنوك الدائنة الرئيسية رفعت دعاوى قضائية، ولا نعلم إذا كان ثمة مفاوضات تدور خلف الكواليس، ولكن يبدو أنها لا تجدي نفعا. بالمقابل، وعلى الرغم من تجاوز دبي العالمية حجم ديون سعد والقصيبي، إلا أنها لم تشهر إفلاسها، ولم تختبئ خلف جدران التعثر، إنما أعلنت خطة إعادة هيكلة مفصلة وطرحت حلولا لسداد الديون، ليس فقط للبنوك الإماراتية، وإنما لجميع الدائنين، حالها حال أشهر الشركات العالمية بعد الأزمة المالية. وإضافة إلى ذلك، فإن عدم مطالبة المصرف المركزي البنوك الإماراتية بأخذ مخصصات مقابل ديون دبي العالمية ونخيل يعطي دفعة ثقة وتفاؤل، وهذا بحد ذاته مؤشر إيجابي على نجاعة الحلول التي طرحتها المجموعة الدبيانية التي تتمتع بأصول ضخمة تغطي 4 أضعاف ديونها. يكفي أن حكومة دبي تقف خلف مجموعتها، وتساندها في التمويل عبر صندوق الدعم المالي، وأبوظبي لم تقف مكتوفة الأيدي، بل دعمت جارتها بشكل مباشر. لا خيار أمام الدائنين سوى الموافقة على طرح دبي العالمية، لأنهم يضمنون تحصيل أصل الدين إضافة إلى الفوائد بشروط سداد جديدة، دون اللجوء إلى مقابلة الديون بأصول أو حصص في الشركة، وهذا ما يهم الدائنين في نهاية المطاف. دبي تعاملت بحرفية عالية مع ملف هيكلة دبي العالمية ونخيل، وامتصت الحملات الإعلامية الغربية الهوجاء بحكمة العقلاء، ولم تتخل عن شركاتها ينهشها الدين. ولم تتوقف إعادة الهيكلة عند الشؤون المالية، بل تبعتها قرارات بتغييرات إدارية لتحسين أوضاع البيت الداخلي. يبقى أن نشير إلى أن أوضاع البنوك الإماراتية أفضل من العام الماضي، وصرامة البنك المركزي في جانب المخصصات أعانتها على تجاوز أزمة التعثر التي أصابت المقترضين، وأي تحصيل جديد لدين مشكوك في تحصيله وتقابله مخصصات، سيظهر ربحا صافيا في ميزانياتها العام الحالي. baha.haroun@admedia.ae