شهدت مناطق عديدة من الدولة خلال الأيام القليلة الماضية هطول أمطار غزيرة مصحوبة بحالة من عدم استقرار الطقس، خاصة في المناطق الشمالية من البلاد. وفي كل مرة تتكرر الأخطاء ذاتها التي تتطلب وقفة جادة للمحاسبة ومعالجة أوجه القصور. وفي كل مرة تشخص أمامي القناعة ذاتها بأن الكثير من مخططي ومصممي ومهندسي الطرق عندنا لا يضعون احتمالاً لهطول الأمطار أو يرون أن هناك حاجة لتحديد وتخصيص معابر للمشاة، باعتبار أن كل مواطن ومقيم في الإمارات لديه سيارة!
خلال الامطار الغزيرة و في زمن وجيز انكشف المستور عن أشياء كثيرة وقفت عاجزة أمامها الإمكانيات المحدودة للبلديات والمياه الغزيرة تغمر الطرق التي اتضح- في العديد من مدن تلك المناطق- أن الشارع كان مرتفعاً أو مساوياً أو منخفضاً عن مستوى الأرصفة والمحال، وفتكت الرياح القوية بأسقف ومظلات مرافق عامة، وتعطلت الدراسة وكذلك العمل في العديد منها، وحوصر العشرات في المناطق والبيوت المغمورة بمياه الأمطار، وكذلك في رؤوس الجبال وعند الأودية مع غياب الجسور والشبكات ذات الكفاءة العالية لتصريف مياه الأمطار.
المشاهد التي توالت أمامنا تؤكد حقيقة أخرى، وهي استخفاف الكثيرين بتحذيرات «الوطني للأرصاد» وغيره من الهيئات المختصة، كالهيئة الوطنية للأزمات والطوارئ.
لو أننا نقدر الأشياء والظروف حق تقديرها لما شاهدنا المناظر المتكررة للاندفاع والسير في مجاري الوديان والسيول، ولا العشرات الذين حوصروا في وادي البيح. دروس وعبر ينبغي الاستفادة منها من قبل دوريات الشرطة التي يفترض بها إغلاق الطرق المؤدية لمثل هذه المناطق عند اقتراب تلك المتغيرات والتقلبات في الطقس، خاصة أن التحذيرات من هذا المنخفض الجوي قد سبقت بعدة أيام، حتى توفر على الجميع العناء، وتخفف من تداعيات تلك التقلبات المناخية.
وإذا كانت هناك من كلمة، فهي توجيه الشكر لرجال شرطة رأس الخيمة، وعلى رأسهم اللواء علي عبد الله بن علوان النعيمي القائد العام، وبالتعاون مع فرق الإنقاذ في شرطتي أبوظبي ودبي وفريق الإنقاذ المحلي الذين تحدوا وعورة الجبال ورداءة الطقس، وتحركوا براً وجواً ولم يعرفوا طعماً للنوم والراحة على مدى 48 ساعة لينقذوا نحو 600 شخص علقوا في تلك المناطق المتضررة، ولم يهنأ لهم بال حتى عاد أولئك العالقون إلى ذويهم وبيوتهم سالمين. فشكراً لكل الجنود المجهولين، والله نسأل أن يجعله صيباً نافعاً للبلاد والعباد.