خلال السنوات الأخيرة، لم يجد المتشددون في الإعلام الغربي عناء في إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام، فلديهم آلاف الخطب والمقالات والتسجيلات الحية والفتاوى، إضافة إلى مشاهد جزّ الرؤوس، وتفجير المساجد والكنائس والبنايات السكنية، وكلها بحثت عن مسوغات دينية من ضعيف القول، ومن المختلف عليه في التاريخ الفقهي.
قادة التطرف الهاربون من الخراب الذي اقترفوه في أكثر من بلد عربي، وجدوا في الإقليم عواصم للنقاهة، وممارسة حرفتهم في التحريض، وتشويه الدين الحنيف، والعبث بجوهره، فتصدت أنقرة والدوحة لهذه المهمة، وشكّلتا «قاعدتين» للتنظير للإرهاب، وتبريره، وتبعاً لذلك، نبتت أذرع كثيرة للدعاية، ستكون لاحقاً منصات ممنهجة لنشر الإحباط في المنطقة، وسبباً من أسباب العماء والدماء.
أبرز قادة «الإخوان المسلمين» المصريين الفارين إلى تركيا، باتت له قناة على «يوتيوب»، يجد فيها الإعلام الغربي ضالته، ودليله. الرجل يكفر المسيحيين، ويدافع بشدة عن السبي والتهجير وبيع النساء في سوق النخاسة، ويرى أن العمليات المتوحشة للذئاب المنفردة في أوروبا نوعاً من أنواع «جهاد الطلب»، ولا يعترف بتعبير «الضحايا المدنيين». في حين كانت كثير من الصحف والقنوات المحترفة في أميركا وأوروبا، تبحث عن صورة أخرى من المنطقة.
المواجهة، كانت مع بشاعة الحدث الإرهابي، ومع الإرهابيين الميدانيين والإعلاميين. لكن التصدي لقبح الصورة كان يحتاج إلى مشروع تنويري واضح وناضج في الدفاع عن الإسلام الحقيقي، النقيّ من خرافات المتطرفين وجهلهم وخداعهم، وهذا ما استثمرت فيه الإمارات، فأقامت معمار التسامح، وسط دمار كثير في المنطقة، وأكدت للعالم بوضوح، أن ثمة سردية أخرى.
مشروع الإمارات في التنوع والتسامح والعيش المشترك، بدأ منذ عقود، وبات أكثر سطوعاً في الأعوام الأخيرة، وأكثر تركيزاً على معالجة الاختلالات العميقة في قراءة الموروث، وتنقية الخطاب الديني مما اعتراه من شوائب وفوضى ذهنية، وإعادة فهم التطرف ضمن سياقه وشروطه الموضوعية والتاريخية، بما هو شذوذ، وليس قاعدة.
بفضل إرث زايد. وجد المُشرّع الإماراتي ثوابت التسامح، وهو يصوغ «قانون مكافحة التمييز والكراهية». ووجدت وزارة التسامح نطاقاً ثقافياً واجتماعياً لعملها في بلاد متنوعة سكانياً، تعيش على أرضها جنسيات وعقائد وثقافات مختلفة، ووجد رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس أن ثمة مشروعاً تنهض به دولة عربية في الشرق الأوسط، فسعى إلى زيارة الإمارات، وعاد مبهوراً بحكمة قيادتها، واعتدال شعبها، واستقرارها على التسامح منهجاً، وأسلوب حياة.
التسامح مشروعنا. يحمل هويتنا وملامحنا وسنعنا، ويؤكد إصرارنا على أن هذه المنطقة ليست منذورة للظلام، وفقدان الأمل، وشيوع اليأس..