في خضم الانتخابات اليمنية والتي توجت باختيار الرئيس المنتخب عبدربه هادي منصور، وبوفاق جميع الأطراف بعد شقاق وشقاء تورمت عضلات القاعدة، وتمددت وامتدت لتطاول معاقل الجيش ومؤسسات حكومية أخرى، فتفجرت النيران في كل حدب وصوب، وتناثرت أشلاء الضحايا بنوايا مبيتة من عناصر القاعدة.
السؤال الذي يغرس مخالبه في الذهن.. إذا كانت أهداف القاعدة المنظورة، هي محاربة “أميركا وأعوان أميركا” فإن من اتهمته القاعدة ذهب بعيداً، ونأى بنفسه ونجا من عذابات وأشواق واستطاعت ثورة الشارع أن تأتي برئيس جديد، ومهما يكن من هو فإنه جاء برغبة من رفضوا الماضي، وحدقوا نحو الحاضر، إذاً لماذا القاعدة الآن في اليمن؟
ألا يطرح هذا الفعل المشين أسئلة كبرى وعلامات استفهام بحجم الجرائم التي ترتكب بحق الشعوب؟
أليست الأهداف والشعارات المطروحة تثير الشك وترفع درجة حرارة المخاوف من ارتباط هذه العناصر بأجندات غامضة، لا علاقة لها بما يطرح، وما يتم شرحه عبر التصريحات، وما يتم تلغيمه وتفخيخه من كلام عدائي لأميركا وإسرائيل؟
ويوماً بعد يوم، نسمع ونشاهد من تطورات على الساحة العربية ومنها اليمن، تجعلنا نفكر ملياً فيما يجري وتجبرنا على تكذيب هذا الحمل الكاذب، سواء من قبل القاعدة أو الدول التي تستعديها وتعاديها، وما يجري من أحداث سياسية يحتاج إلى تأمل وتزمل بالفطنة، لأن الذي يقتل بريئاً في اليمن كمن يفتك بضحية في سوريا أو ليبيا أو مصر أو تونس فقد اختلفت الأشكال والوجوه والشعارات، ولكن يجب أن نقتنع بأن الهدف واحد، هو إبقاء هذه البقعة من العالم الممتدة من المحيط حتى الخليج العربي، مطلوب مصيرها، ويجب ألا تهدأ ولا يستقر لها بال ولا يطمئن لها حال، المطلوب هو أن تتزعزع وتتضعضع وتتحول إلى طرائق قدد، وإلى مضارب لحروب قبائل وفصائل، نعم ما يحدث لا يخرج عن كونه تهريباً متعمداً للقيم الإنسانية العالية، وتسريباً للمبادئ وتخريباً لمعاني الدين الحقيقي، وتجريفاً ذاهباً باتجاه، التصحر الأخلاقي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي.. ما يحدث يجب أن نقتنع قبل أن يفوت الأوان، بأنه ليس موضوع ثورات ضد أنظمة، ولا موضوع جهاد من أجل الإسلام، إنما هو كلمة حق يراد بها باطل، وأمامنا تجارب ماثلة في أوطان عربية، لحقتها الكذبة، فأمست في ضياع وانصياع للتخلف في جميع الأصعدة.. أمامنا خراب وضباب ويباب، والعجب العجب ألم بأوطان عربية، ولم تشف ولن تشفى منه لأنها انساقت وراء مهرولين أو مدجلين، فضاعت الطاسة، تحدثوا عن الدين ولم يطبقوه ونظروا عن الديمقراطية ولم يطولوا أغصانها، أي أنهم لا ذاقوا عنب الشام ولا بلح اليمن.. لماذا؟ لأن الديمقراطية ليست سيارة ولا أثاث منزل تستحدثه متى ما أردت بل هي ثقافة.. أما الدين فإنه يهيمن على شعوب المنطقة وعلى وجدانها ويسكن في لا شعورها، فلا تحتاج إلى ألغام أو مفخخات حتى تؤمن على طريقة القاعدة ومن والاها، من يثيرهم الأحمر الفاقع.


marafea@emi.ae