ولنا أن نتخيل في تلك اللحظة عائلات الذئاب والضباع وبنات آوى، في شغاف الجبال المحيطة، والطيور في وكَنَاتها الليلة وهي مغزوة بهذا الضجيج الاستثنائي لحياة ما تفتأ نائمة في ضفاف الأبد.. هل تناسلتْ تلك السيارة بأضوائها وحنينها ـ كانت وحيدة ومستوحشة ـ لتستحيل إلى هذا البركان العرِم من الضجيج والحطام ورغبة الافتراس الكاسر لكل الحدود والمسافات؟. *** تقولين: الفراغ سيسحقنا إذا لم نكسر تطاول هامته بقبلة.. القبلة علامة الطريق.. بواّبة الرحلة نحو الأعماق.. الزهرة تمتص رحيقَ الصباح.. والنسر يرتشف لعابَ القمم.. قبلة الوديان التي تغمر الأرض اليباب برأفتها الحانية... *** تجوبين قفار روحي غيمة تحدرت من ذروة سامقة.. أجلس على الطاولة، استمع إلى الموسيقى، أراك تعجنين الشواطئَ والعواطفَ، المدن والإسطبلات، تعجنين الجبال والكهوفَ التي تتطاير منها طيور من غبار.. تمزجين العناصر وقوداً للوحتك القادمة. أيتها المزدانة بأعياد الشِعاب والمروج.. ضياعك في اللوحة بصيرةٌ ثاقبة.. ومخلوقاتك المدمرَّة تتساقط جرذانا مسمومةً في مستنقع سحيق.. لا تأخذك الرحمةُ بها فالغروبُ الكاسر أجملُ عيدٍ للمحيطات... *** أصحو من نومي، افتح زرَّ الموسيقى، الغَبَش ما زال يحجب الرؤية، لكن خيوطَ البرق تخبط النافذةَ وتتسلل إلى الستائر الزرقاء.. أتعثر في خطوات مرتبكة افتح التلفون اقرأ رسالتك الأولى..