أتمنى على جمعية أبوظبي للصيادين وبلدية المدينة إيلاء سوق السمك في الميناء ما يستحق من اهتمام وعناية تتطلب حمايته من توجهات متقلبة تجتهد في تبني وتطبيق أمور تؤثر على المترددين عليه، خاصة وأنهم متمسكون به على الرغم من قوة وشراسة المنافسة، التي لم تستطع التأثير عليهم، لطابعه الشعبي البسيط وخدماته التي اعتادوا عليها.
منافسة اشتدت وتعددت مع ظهور أقسام لبيع الأسماك داخل الجمعيات ومحال «الهايبر ماركت» ووجود سوق عصرية خاصة بمركز المشرف.
سر التفضيل الشعبي لسوق الميناء الخدمات المتاحة فيه وأجواء المساومة بين البائع والمشتري بعد أن يختار الصنف المفضل لديه في ممارسة تعبر عن طبيعته الشعبية إلى جانب موقعه قرب البحر الذي يولِّد الشعور بأن الأسماك واردة من مصايد قريبة، رغم أن غالبية المعروض منها قادمة من بحر المناطق الشمالية وبعض الدول المجاورة.
من الخدمات التي تتعرض لتقلبات أمزجة المشرفين على السوق التعامل مع محال الشواء المنتشرة في محيطه، وكذلك خدمات تقطيع الأسماك المتأرجحة بين الباعة والعمالة المخصصة لذلك. ومؤخراً جرى منع الباعة من تقطيع وبيع الأسماك الكبيرة الحجم في خطوة أربكت السوق، وحرمت الكثير من الأسر، التي كانت تقبل على الشراء بالمن والكيلو من احتياجاتها اليومية، وهي خطوة لا تخدم حتى أصحاب المطاعم الذين يتعاملون مع الكميات والأحجام الكبيرة من الأسماك.
رعاية واهتمام مطلوبين تحمي السوق الذي له مكانة في الوجدان والذاكرة الشعبية من تقلبات الأمزجة وحتى الشائعات، التي تطاله بين فترة وأخرى حول قرب نقل مكانه لإفساح المجال لمشروع تطويري. ونتذكر كيف فكرت سلطات العاصمة اليابانية بموقع بديل عن سوق سوكيجي أكبر سوق للسمك في العالم عند نقله -والذي زرته خلال زيارتي لليابان-، حيث عرضت مكاناً بديلاً قريباً من البحر.
السوق الحالي يكاد يكون الرابع منذ أن تفتحت أعيننا عليه في أبوظبي بعد أول سوق حديث في سبعينيات القرن الماضي وكان يعج بالصيادين والباعة المواطنين، وعند مداخله ربات بيوت إماراتيات يبعن منتجات منزلية وأعشاباً للتداوي.
وعندما نتحدث عن هذا السوق فهو أكثر من مجرد حديث عن مكون وطبق أساسي في المائدة والمطبخ الإماراتي، قدر ما هو ارتباط بالبحر والذاكرة والوجدان، وليس كل سلعة -كخيرات البحر- قابلة للتطبيقات الذكية والمباني المعلبة الأنيقة التي هي بلا روح ولا حتى «سهج»!!.