لم يتبق من القُبل سوى أثر الشوك البري على بشرتها المتعطشة لقبلاته.. مطر الصحراء يفجر أشواق الزهر دون أن يرويها قط” *** كيف للسماء أن تروي هذه الرغبة المدلهمة؟ هذا الظمأ العاصف؟ هذه الرعود التي تهمهم على رؤوس الجبال؟ وحدها الروح تتجول جريحةً بين الأنفاق.. وحدها الخراف تتسلَّق الكثبانَ منحدرةً نحو سفحها العميق، حيث أشجار الأثل تحرّكها ريح خفيفةٌ وحشائش خلفها مطر الخريف.. *** أترنح تحت وابل الحطام لهذه المدينة التي سفَحَنا فيها دهرا من دموعنا، وأتذكر ففي حيواتٍ سابقة كنت تقطفين وردَ الحديقة، تبعثرين أسراب الطيور، ديك الشهوة (يسقع) قرب قدميك الحافيتين، ويختلط مع صفير قطار عابر أمام العمارة التي أضحتْ أبراجاً هائلةً كحرس مدجّج في الجحيم... *** تقولين: سنهرب إلى جزيرة بعيدة، جزيرة صُنعت من أحلام ملاك أو مخيِّلة بحَّار، استنشق رائحة ابطيك مبحرا نحو جزائر الحلم في الركن الآسيوي أو بحر إيجة حيث دماء البوذا تختلط مع رفات الإغريق أولئك الذين جعلوا الحياة على مرمى حجرٍ من سعادةٍ ناقصة... *** استنشق الرائحةَ مبحرا نحو الجُزُر التي مر بها ذات زمن أحمد بن ماجد الملقب بـ(أسد البحار)، ربما لوّح على قراصنة وملوك عابرين من غير أن تميلَ نظرتُه عن أعشاش النجوم، في غدران سماءٍ قانية بدم المغيب السماء التي بحث في أرجائها عن برج الميزان المتدلِّي باحتمالاته وعناقيدِه...