أرقام الضحايا والإصابات من المحيط إلى الخليج بالفيروس المستجد لا تزال في حدود معقولة، بالمقارنة مع تسارع التفشي على امتداد الكرة الأرضية، وليس لدينا في العالم العربي بؤر خطرة، على الرغم من التقارب الجغرافي بين شمال أفريقيا العربي، وقارة أوروبا التي تسجل تصاعداً في انتشار الوباء.
هل يعني ذلك أن العالم العربي في مأمن، وأن الموجة الأولى من «كوفيد - 19» شارفت على الانتهاء بأقل الخسائر، مع استمرار التكهنات بفاعلية ارتفاع درجات الحرارة، خصوصاً في الخليج العربي، قبل أن يعاود الفيروس هجومه شتاء، وما العمل إذا سارت الأمور على غير ما نأمل، لا قدر الله؟
الواضح أن لا دولة في العالم بمأمن. كلنا يتابع أخبار الولايات المتحدة، بضخامة قوتها العلمية والاقتصادية وإمكاناتها الهائلة، وشعبها يعيش أسوأ أيامه في التاريخ الحديث، والوفيات مرشحة لقطع حاجز الـ 20 ألفاً، والإصابات إلى 400 ألف في غضون أيام قليلة، والأوضاع مرعبة في أوروبا وآسيا.
وإذا كان من حق يقال، فإن معظم الدول العربية سارعت منذ بداية العام إلى إجراءات وقائية، ولم تنتظر اقتراب الكارثة من حدودها، ولجأت دول عربية عدة إلى فرض حظر التجول، بعد تعليق حركة الطيران، وغير ذلك، ما ساهم في الوضع الجيد الذي نحن عليه الآن، وطبعاً نحن في سياق المقارنة فقط، ولا نعرف ما سيحدث في الأيام المقبلة.
لحسن الحظ، فإن كل التدابير العربية المتخذة تشكل دروعاً لما سيكون في حال تعرضنا إلى موجة أو أكثر من فيروس كورونا، ولا نستطيع تحديد مدى كفايتها من عدمه، لأن الأمر متروك للجهود الجبارة التي ينهض بها العلماء في العالم، وفي جامعاتنا العربية، ومؤسساتنا العلمية، ونحن في الإمارات جزء فعال من تلك الجهود، كما لا نستطيع أن نقول إنّ علينا انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في العالم، ثم لكل حادث حديث.
المهم أن يواصل العالم العربي ما بدأه من إجراءات وطنية وإقليمية في الفحص والوقاية والتباعد الجسدي، فنحن قادرون على تطوير خبراتنا، لنكون أكثر تحوطاً واستعداداً للموجة المقبلة من الفيروس، التي يرجح العلماء أنها قادمة، ما دامت مختبرات العالم لم تطور اللقاح المنتظر.
يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أنّ مواجهة كورونا «تحتاج إلى استجابة دولية فاعلة»، وقد أظهرت الشهور الماضية أنه ليس بمقدور دولة هزيمة الفيروس وحدها، وهذا هو الوقت الأكثر إلحاحاً لمنصة علمية عربية، تستجيب للخطر الداهم المحدق بنا، وبالإنسانية جمعاء.