‎لطالما ظلت المشكلات في دول مجلس التعاون الخليجي تدور بينها، ولا تخرج من بيوتاتها التي تتسم بالستر، مدفونة تحت السطح الذي يعرف الجميع مدى عمقه، ولا تتعدى تلك المشكلات الحدود للخارج، ولو كانت هذه المشكلات تتعلق بالحدود نفسها، ومهما استجد من أزمات أو كانت مشكلات أزلية في دول الخليج العربي، تبقى ضمن نطاق الأسرة، ولا تخرج للعلن، ولا يسمح إلا لأعز الأصدقاء أن يتدخل، لأنه الوحيد الذي لا يسعى لمصلحة، إلا مصلحة الأطراف المختلفة، كما كان لتلك المشكلات أن تحلّ في جلسة سمر على عرقوب رمل أو في مجلس بيت من الشعر، وبمقدار دورة فنجان القهوة على الحضور، غير أن تلك الأمور الفطرية، لا يمكن لها أن تظل بتلك الطهرانية في ظل التشرذم «القُطري»، وفي ظل الانطوائية على الذات أو في ظل التغريد خارج السرب، كما لا يمكن لها أن تبقى بتلك السبحانية والعفوية كما كانت، لتعقد كثير من الأمور الداخلية، ولأطماع ومصالح أطراف خارجية، وللمغامرات الفردية التي تنتهجها بعض الشخصيات العاشقة للزعامة والمغامرة السياسية، ولو كانت هذه المغامرة والمقامرة لا تتلاءم ومنطق التاريخ والجغرافيا، مشكلات «خليجنا» هذا الوقت لا يمكن لها إلا أن تخرج للعلن في ظل من التنافسية بين دول «اتحاده وتعاونه»، والمبنية على عقلية حصاني داحس والغبراء، ولابد من الفوز، ولو لم تكن تملك تلك الأفضلية، والاستعداد. ولكي نكون أكثر واقعية في الحياة، وبقدر ما تتطلب الواقعية السياسية، علينا أن نحدد المشكلات التي تعترض طريق دول مجلس التعاون الخليجي، ككيان اقتصادي وسياسي واجتماعي متشابه، ويراد له أن يكون ضمن محور الجغرافيا والتاريخ كقوة بين الدول، ومكانة استراتيجية، وتأثير إقليمي، يقود الآن عجلة التنمية، والتقدم العربي، هذه المشكلات يجب ألا نطرّيها بالسجع اللغوي أو نتحايل عليها بلعبة اللغة، والمفردات المطاطية، فلطالما أخرتنا تلك المعضلة، وعدم المواجهة الصريحة، والعتب من بعيد على تزايد الأمور سوءاً، وعلى تعقيد وتركيب المشكلة، وتفرعها لمشكلات صغيرة مشتته. واليوم وفي خضم الكثير من القلاقل الداخلية، والتبدلات السياسية العربية الخارجية، واللعب على المتناقضات بين سكان البلد الواحد، ومحاولة تغيير الولاءات، مع إقرار بأن بعض الحكومات الخليجية مفرطة في المحافظة والتقليد، ولا تحاول التجديد واتباع سبل التحديث والعصرنة، وقراءة المستقبل، خاصة في ظل حراك اجتماعي، ومطالب ديمقراطية، قد تصبح في الغد ملحّة، لكي نسير في عجلة الحضارة الكونية، ومتطلباتها، فإن المشكلات الخليجية طفت على السطح، ولن تعود لذلك العمق من الدفن بعد الآن، وعلينا ألا نعتقد أن الطرف الآخر صاحب المصلحة سيقف مكتوف اليدين، ولن يحرك ساكناً، منتظراً منا أن نحل مشكلاتنا على مهل، وهو اليوم أكثر نشاطاً، وتنظيماً، وأكثر جرأة، وأكثر هجوماً! amood8@yahoo.com