من بين الأمور التي يتعاطف معها الإنسان، ونحن نعيش هذه الجائحة، قصة طبيب العيون الصيني «لي وينليانغ» الذي أخبر عن فيروس «كوفيد- 19»، وإمكانية تفشيه السريع بين الناس، وأُعتقل، ويُقال: أُعدم، لأن عمله عدته السلطات الصينية إفشاء لسر استراتيجي، وفي الصين تكثر مثل هذه الأسرار الاستراتيجية، وفي كل الأوقات، بحيث يتساوى صارف الدولار في السوق السوداء، مع الذي يتخابر مع جهات خارجية، ويقال: إنه أصيب بالداء نفسه، وقضى عليه، والآن سيرته تتأرجح بين الخائن، وبين البطل القومي، وحده التاريخ سيقرر بعد ذلك، والأمر يندرج كذلك على الجنرال البحري الأميركي «بريت كروزير» قائد حاملة الطائرات «روزفلت» الذي بعث برسالة من عمق المحيطات مناشداً القيادة الأميركية أن تنقذ بحارته الذين على متن أكبر مدمرة حربية، وأكثرها تطوراً وتقنية، وعدة وعتاداً، فعزل عن القيادة، وربما يحاكم محاكمة عسكرية، وهو الآن بين انقسام رأي عام، هل هو مذنب حرب أم بطل قومي أراد إنقاذ جنوده من وباء فتّاك؟ خاصة وأن أعداد مصابي الحاملة في تزايد، ومن بين المصابين قائد الحاملة المفصول نفسه، ومن الناس الذين يجب التعاطف معهم، لأنهم خط دفاع الإنسانية الأول، الأطباء وطواقم التمريض والعاملون في القطاع الصحي حول العالم، حيث لقي 86 طبيباً إيطالياً حتفهم بسبب ذاك الوباء الذي انتقل إليهم عبر المصابين الذين يعالجونهم، كذلك أصيب نحو 19 ألف طبيب وممرضة وعامل في القطاع الصحي في إسبانيا، وهم في تزايد في كل البلدان.
ما أتعس النهايات التي يتعرض لها بعض البشر، كأن يكون طبيباً يعالج مرضاً، فيموت به أو يجازى من صنف عمله أو تكون نهايته على يد شيء صنعته يده أو ابتكر طريقة فمات بها، مثلما هو المثل في الذي يلاقي الخير بالشر، كما تفعل أم عامر أو الضبعة، فالعرب تقول: «مثل مجير أم عامر»، أجارها أعرابي، وأطعمها، وحين جاعت هجمت على مستضيفها، وبقرت بطنه أو بطن رضيعه النائم، وكذلك مثل «جزاء سنمار»، فبعد إن بنى المهندس «سنمار» قصر «الخورنق» العظيم، قال للملك النعمان بن امرئ القيس اللخمي، الملقب بملك العرب: إن في القصر آجرة، لو نزعت لتهدم القصر من أساسه، لا يعرف سرها غيري، وقيل: إنه قال للملك النعمان: «أما والله لو شئت حين بنيته، جعلته يدور مع الشمس حيث دارت»، فسأله النعمان: إنك لتحسن أن تبني أجمل من هذا؟ ثم أمر برميه من أعلى القصر، لكي لا يبني أجمل منه، ولا يفشي سر الآجرة أو اللبنة، «جوزيف غيوتين» الفرنسي، هو من ابتكر المقصلة، وهي آلة إعدام، عرفتها الثورة الفرنسية، وتسمت باسمه في اللغة الفرنسية، وأعدم عليها الكثير من أعداء الثورة، وفي النهاية أعدم عليها.. وغداً نكمل