الجالسون على الصدور
معظم مشاكلنا في الوسط الرياضي، سببها عدد من الجالسين على صدورنا، فلا هم يتغيرون، ولا هم يمتلكون القدرة على التغيير.. تراهم في ساحة الوسط منتشرين، وبعضهم يتقلد المناصب، لكن آخر ما يشغلهم، قد يكون الشباب أو الرياضة، تجدهم في بعض الهيئات والاتحادات والأندية، قد لا يكون مسؤولاً كبيراً، لكن لديه القدرة بما يمتلكه من مفاتيح، على إيقاف «المراكب السائرة»، والسبب أن العقلية تجمدت، ولا زالت في الماضي، بينما الدنيا تتحرك، والعالم يجري، لكنهم فقدوا القدرة على الجري، فخرجوا من السباق، وهم مصرون على أنهم فيه.
تعرف هؤلاء الجالسين على الصدور، من كلامهم المكرر، وخطبهم الرنانة، في عصر لم تعد الخطابة هي المطلوبة، وإنما العمل والتجديد، والنزول إلى الميدان، ومتابعة كل صغيرة وكبيرة، وتعرفهم من بياناتهم الصحفية التي حفظناها، ومن «الدنيا الوردية» التي يسوقونها لنا، ومن احتفائهم بالصغائر مهما قل شأنها وتصويرها على أنها «فتوحات» وإنجازات عظيمة، وتعرفهم من وجوههم، التي اعتدناها وحفظناها، حتى باتت أقرب إلى «طوابع البريد» في تلك الهيئات والمؤسسات.
لا أنكر أنه في المقابل هناك من يعمل ويجتهد، ويهين نفسه من أجل أن يضيف حجراً للبناء الرياضي، ولكن «ترساً» واحداً عاطلاً في “موتور” الرياضة، قد يعطل الماكينة بأكملها، فما بالكم وهذا البعض كثير، وأحياناً يتصدى لملفات حيوية، تمتد إلى عموم الشأن الرياضي، وتمس القاعدة العريضة من المنتمين لهذا الوسط.
لست ناكراً للجميل، ولا لعطاء هؤلاء أو غيرهم، ولكن طالما أننا في أحلامنا الكبرى نراوح أنفسنا، وطالما أننا جربنا الكثير من المسكنات والمهدئات ولم تفلح، لم يعد سوى أن نغير تلك الأحجار على «رقعة الشطرنج»، ونستبدلها بأخرى، فربما العيب فيها، وعلينا أن نستثمر طاقاتنا الشابة، ونجومنا اللامعين، الذين هم أقرب معرفة بخبايا الوسط واحتياجاته، وما يفيده وما يضره، وطالما أننا رممنا في مناسبات كثيرة، ولم يعد الترميم مجدياً، فلم يعد سوى أن نبني من جديد، لا سيما أننا بحمد الله لا تنقصنا الإمكانيات التي نزهو بها على غيرنا، وتضاهي مثيلاتها في العالم، لكن البناء يحتاج إلى من يتولاه برعاية خاصة، ويلم بأسباب المعرفة الحديثة، ولا يعيش في جلباب الماضي.
رياضتنا لم تعد بحاجة إلى الكلام، أو إلى من يرددون عبارات الماضي ومواقف الماضي، ولا إلى من يكدسون الملفات في الأدراج، وأهم ما يعنيهم أن تكون متكاملة، بينما الواقع في وادٍ آخر، وليست بحاجة إلى من يقيّمون أعمالهم بحجم ما ينشر عنهم في الصحف، وليست في حاجة إلى من يديرها من «المكتب المكيف»، ويكتفي بنظرة على «البريد» ليعرف منها حال الشأن الرياضي، لكنها تحتاج إلى ما علمنا إياه قادتنا وطبقوه فعلاً على أرض الواقع.. من يستقي المعلومة من مصدرها، ويعاينها على الطبيعة، ويتدخل لإصلاح الأمور بروح وعقل المتجدد الذي لا يكتفي بالروتين، ولا تعجزه الحيل.
رياضتنا مؤهلة للانطلاق، لكنها قبل ذلك، تحتاج إلى أن تتحرر العربة من كل ما يعترض مسيرتها، حينها ستمضي، وحينها سنقول حتى لهؤلاء «شكراً».
كلمة أخيرة:
الجمود سبب كافٍ للحد من الإبداع، حتى لو تصورنا أننا نمضي.
mohamed.albade@admedia.ae