البعض ربما يكون محملاً بحزمة ثقيلة من الإحباط، لأسباب شخصية، وتربوية، ولذلك يهتم كثيراً بإشاعة الأكاذيب عبر وسائل التلفيق والتدليس، هؤلاء امتهنوا الكذب وما من شائعة إلا ووراؤها مريض وكذاب وأفاق ومعتد أثيم ومشاء بزنيم، هذه النماذج المعتلة تعاني من تفسخ في الذات وتواجه أزمة داخلية شديدة الوطأة، ولذلك فإنهم لكي يخففوا من آلامهم الداخلية يتوجهون إلى المجتمع، ليثيروا في نفوس الآخرين الفزع وذلك باستخدام الإسقاطات، تعويضاً عما يعانونه من آلام تقض مضاجعهم، وتهز كيانهم، وترعش أبدانهم، وترعد فرائصهم.
هؤلاء وجدوا ضالتهم بانتشار فيروس كورونا في العالم قاطبة، فهامت نياقهم في صحراء هذا الوباء، وصاروا يغرفون من الإشاعات ويقذفون بها على شاشات مواقع التواصل اللا اجتماعي ويسفون ويستخفون ويزبدون ويرغون ويثغون ويملؤون الفراغات بفقاعات وقشات شوهت المشهد الإنساني وأساءت إلى العقل البشري، وأصبح العالم يغط على وشوشات وتشويهات، غيبت الشمس عن المشرق والمغرب، وأصبح الناس تحت وطأة هذا الغثيان، والقيء الإعلامي في غفلة عن الحقيقة، ورغم ما تبذله المؤسسات الرسمية من نصائح تحذر من الوقوع في مغبة هذا الغثاء ودعوتها الناس إلى استقاء المعلومة من مصادرها الرسمية ومن منابعها الإعلامية الصحيحة، إلا أن أصحاب القلوب الغليظة، مستمرون في بث الغث، ومستمرون في تلويث الحياة بهذا الغبار، ومستمرون في الإساءة إلى وجدان الناس، ومستمرون في زرع الخوف في نفوس الأبرياء، ومستمرون في لعبة «الغيضة»، لأنهم فقدوا القدرة على الانسجام مع الواقع فلجؤوا إلى الوهم، وانبطحوا عند ناصية الخيال، وصاروا كخنفساء الروث، لا تستطيع أن تعيش إلا عند مكبات النفايات، ومواقع الرذيلة.
وعلى الرغم من الشفافية التي تتبعها مؤسساتنا الحكومية بخصوص فيروس كورونا، إلا أن أصحاب النفوس المريضة، مصرون على اتباع أسلوب التخفي والتنكر والخروج للناس بوجوه معقمة بالخبث وقلوب مشحونة بأمصال الكذب، والدخول على الناس بأصوات أشبه بالنهيق، ومعلومات أقرب إلى بصاق مرضى الكورونا.
هؤلاء المجبولون على الكذب لا دواء لمرضهم سوى أن يحتقرهم الناس، ويشيحوا عن ألاعيبهم ويعوا أن هناك جهات مخولة في بث ما هو حقيقي، وما هو صحيح، ولا داعي للانصياع لما تبثه الأبواق الخربة، ولا داعي للالتفات إلى هذا النقيق، لأنه لا يصدر إلا عن ضفادع مريضة خنقها النكوص إلى مراحل ما بعد الفراغ والجهل واللامسؤولية.
لا داعي لإضاعة الوقت في النبش في الشاشات الصغيرة، لأنها مفعمة بفيروسات الضلال والضنك، ولأنها طافحة بالغث وأمراض العصر الأشد فتكاً من فيروس كورونا.
لا داعي للنظر إلى كسوف هذه المواقع، فإنه يعمي البصر، ويغشي البصيرة.