10 آلاف شاحنة بطول 32 كم، منذ 14 يوماً، في مشهد وسط صحراء حرارتها 47 درجة مئوية، خالية من أي مظهر للحياة والاستقرار، وتوافر وسائل الراحة. ظروف إنسانية قاسية يعيشها أولئك الذين يسعون إلى الرزق الحلال، وسط انتظار عوائلهم البعيدة، والفقيرة، وانقطاع عن السعي للعمل والكسب، انتظار مميت، تكدس، سير بطيء، لا أخبار تسر أو تفرج الحال من الجانب الآخر! - الرائي للمشهد من أعلى يذكره بأيام حرب الخليج الأولى، وعاصفة الصحراء، وأرتال من البشر والآلات عالقة، ولا مفر من الانتظار الذي يطول ويطول! - في هجير تلك الصحراء، يتمنى العالقون ألا تحدث كارثة لأي ناقلة تحمل مواد نفطية أو كيماوية! - مركز البطحاء- الغويفات طريق سالك، مركز الغويفات - البطحاء طريق بارك، تفتيشات استثنائية، عذاب إنساني، استفزازات، خراب بيوت للموردين والمستوردين ولأولئك السائقين الذين عملهم جزء من قسوة الحياة! - هل المشكلة هي اقتصادية أم أمنية أم حدودية أم تتعلق بأزمات أخرى متراكمة، فالداخل إلى أبوظبي على لسان السائقين، يستغرق دقائق معدودة، والقادم إلى السعودية على لسان أحد «المنتظرين» من الساعة الثانية والنصف ظهراً، وحتى الساعة السادسة وثماني دقائق زوالاً لم يتحرك إلا 65 متراً فقط! - لا مطاعم تكفي، ولا مأوى للآلاف المحتشدة، لا ماء للشرب أو الاستحمام أو أداء فروض الصلاة، لا دورات مياه، لا خيام يمكن أن تقيهم حرارة الهجير، أو استراحة الليل البهيم، لا وسائل للعلاج أو التداوي في ظروف ستهاجمهم فيها أمراض وأعراض الشمس والحرارة والرطوبة وقلة النظافة! - شرطة أبوظبي تعاملت مع مأساة هؤلاء المعذبين بتقديم مياه الشرب والأغذية، ونقل المصابين باجهادات حرارية وأزمات قلبية أو ضغط الدم أو السكري إلى أقرب مراكز أبوظبي والسلع لمعالجتهم وتطبيبهم! - وفود من المراكز الصيفية لطلبة أبوظبي يساهمون في تخفيف معاناة السائقين، ويقدمون لهم العصائر والوجبات الخفيفة! - لا يمكن لأحد أن يتصور حدوث مثل هذا الأمر بين أي مركزين حدوديين في دول الاتحاد الأوروبي أو بين مركزين حدوديين دوليين، حيث هناك القوانين والمواثيق والاتفاقيات التي تحكم في مثل هذا الأمر! - معظم وسائل الإعلام العالمي، بدعم من الجهات والجمعيات الإنسانية ونقابات المهن العمالية، بدأت تتنبه للمأساة الإنسانية التي يعيشها هؤلاء الكادحون، وبدأت تفتش عن الأسباب والمسببات والمعوقات! - تساؤل جاء في وسائل إعلام غربية تنقب في التفاصيل، وتهمها الأشياء غير المنظورة، عن كيفية إقحام مسائل دينية، وطائفية، ومذهبية، وحرية شخصية، وحقوق إنسانية، في معالجة مسألة اقتصادية بحتة، تلك هي قصة طوابير الشاحنات، ومأساة آلاف البشر عند مركزين حدوديين بين دولتين في مجلس التعاون الخليجي!