عديدة هي الجهات والمؤسسات التي تعتقد أن زيادة الرسوم مقابل الخدمات الضرورية والأساسية التي تقدمها نوع من الابتكار في تنمية مواردها من دون النظر لتداعيات الأمر وانعكاساته على الجمهور الذي يضطر لإعادة حساباته ونمط معيشته للتأقلم مع الأعباء المتزايدة عليه، والأمر ذاته مع ملاك العقارات والوسطاء والمطورين العقاريين، الذين يدفعون اليوم الثمن لأنهم بالغوا في الإيجارات التي كانوا يطلبونها ولم يفكروا بأبعد من مصالحهم الخاصة.
لعل أحدث من يلوح لنا بابتكار رسم جديد شركات التأمين على السيارات، وهي تتحدث عن احتساب قسط التأمين وفق الكيلومترات التي تقطعها المركبة، وتناسوا أن غالبية الموظفين والعاملين في مختلف الوزارات في جزيرة أبوظبي يقطنون خارجها، وبالذات في ضواحي بني ياس والرحبة والشهامة والشامخة وغيرها، والمسافة التي يقطعونها يومياً فقط للذهاب للعمل والعودة لا تقل عن 80 كيلومتراً. وهناك من الموظفين والعاملين ممن يتوجهون أسبوعياً لزيارة ذويهم في المناطق الشمالية من البلاد. وإذا كان دعاة الفكرة يروجون لها باعتبارها من «الممارسات العالمية»، فإننا نذكرهم بأن الممارسة التي يتحدثون عنها تشمل الصيانة، أم أنهم يمارسونها بطريقة انتقائية؟ وبالصورة التي تحقق لهم المزيد من الأرباح بأقل الالتزامات من دون التفكير بالآخرين والأعباء التي ستترتب عليهم، وهي أعباء ستمتد كذلك لشركات النقل المحلي والتي سيتحملها في الأخير المستهلك!.
ومن صور الرسوم غير المدروسة، ما أعلنت عنه مؤخراً مجموعة بريد الإمارات عن طرح خدمة توصيل الرسائل للبيوت مرة في الأسبوع مقابل رسم قدره 750 درهماً، أما إذا رغب المستفيد في تلقي رسائله مرتين أسبوعياً فيضيف 500 درهم للرسم السابق، الأمر الذي أثار استغراب الناس، خاصة أن مثل هذه الخدمة في جميع أنحاء العالم مجانية تماماً، وتندرج في نطاق الخدمات الأساسية التي تقدمها المؤسسات البريدية حتى تلك التي تكون في مسيس الحاجة لتنمية مواردها.
وقد كان للمجموعة سابقة من قبل عندما فرضت على أصحاب المجموعات التجارية استئجار صندوق بريد لكل ترخيص من أنشطتها التجارية منها والمهنية، وتناسى صاحب الفكرة أو الخطوة «الذكية» و«المبتكرة» لتنمية الموارد أن البريد الإلكتروني قد تسيد الموقف، بل إن رسائل «الواتس اب» أصبح يعتد بها حتى أمام المحاكم. كما أن شركات البريد السريع والتوصيل المباشر سحبت البساط من «البريد التقليدي» وبتكلفة أقل.