نعرف أن الشعوب تناضل وتكافح وتضحي بالنفس والنفيس، وتؤلب جل قواها المادية والمعنوية ضد مستعمر بغيض اغتصب ونهب وسلب، وهرق الدماء وأزهق الأرواح. لكن أن تقوم فئة بدعوى ملغومة مشؤومة بالتخطيط لتدمير موارد وطن وبعثرة حقوقه وقتل الأبرياء، فهذه جريمة لا تغتفر، ومهما تكن المبررات ومسوغات هذا الفعل البغيض يظل من يخططون ويدبرون وينغمسون في مثل هذه الأفعال مجرمين، خارجين عن الملة، وأقل صفة يمكن أن يوصفوا بها أنهم أعداء للوطن، وأعداء للأخلاق، وأعداء للدين، وما تم إحباطه في السعودية وكبح جماحه من عمل إرهابي لهو مثال لهذه التصرفات اللا مسؤولة تسيرها عقول باتت لا تعرف عن الجهاد غير سفك الدماء وتفكيك الأوطان وإضعافها وإنهاك قدراتها، وجعلها في حال النزيف اليومي. وكم وددت أن يفهمني أحدهم ما معنى أن تقوم فئة بتفجير منشأة نفطية أو تدمير منجز وطني. ما معنى هذا التصرف غير أنه محبوك ومسبوك بأيادٍ لا تخدم غير أعداء الأمة، ولا تعبر إلا عن إعادة الأوطان إلى أزمنة غابرة، غائصة في التخلف والانهيار الأخلاقي والقيمي.

أود أن أفهم ما هذه الشهوة العارمة للتخريب وتهريب القضايا الجوهرية إلى حيث يكون التسفيه والتسويف والتخريف والتجريف، وتعرية الجوهر وتشويه المضمون.

الإسلام دين القيم الجميلة والمبادئ النبيلة، فلماذا يحاول البعض من الدخلاء والأنصاف والأشباه أن يلونوا الكون بألوان مفزعة، ومجزعة، لماذا يتعمد هؤلاء أن يسوموا أوطانهم وأناسهم وأهلهم بسياط العذاب، ويجعلوا الحياة أشبه بأحلام كابوسية، عابسة، بائسة، يائسة، لا ينال أصحابها إلا السراب والخراب، واليباب.
لماذا كل هذه العبثية والصدمية المقيتة، أليس من العقل أن يفهم هؤلاء أن الإسلام دين التسامح، والعمل، والفعل، والظفر بالمنجزات الحضارية التي تبيض الوجوه وترفع الرؤوس. أليس من العقل أن يدعو قادة هذه الخلايا البائسة أتباعهم الى العمل من أجل صياغة واقع يقوم على أساس الإبداع واختراع كل ما يرفع من شأن الوطن، ويعيد له المجد والتاريخ التليد، ويزرع التفاؤل في رؤوس الناس. أليس من العقل أن نسخر إمكانياتنا في الصناعة والزراعة والتجارة بدلاً من الغوص في خرافات لا تغني ولا تسمن من جوع.


marafea@emi.ae