مشهد محزن، ويثير الشفقة، أن تجد عاملاً، يقف تحت لهيب الشمس، تجلده الحرارة اللاهبة وهو يمارس عمله اليومي، لا يحمي جسده سوى منديل وضعه على رأسه، وقد غرق هذا الإنسان ببحر من العرق النازف من جبينه كالشلال، إنه نمط من أنماط التجارة التي تمارسها الشركات في سبيل الربح والانجاز السريع لمشروعاتها العملاقة دون وازع من ضمير أو رحمة في حق هؤلاء البشر، ونحن في بلد متحضر وحقق الانجازات الكبيرة شهد لها القاصي والداني في حق الانسان سواء كان عاملاً أو موظفاً إلا أن أصحاب الشركات وفي سبيل تحقيق الأرباح فقط يسبحون ضد التيار ويجدفون ضد مصلحة البلد وسمعتها، فالعامل الذي يقف على سقف بناية قيد الانشاء، وفي ذروة الحرارة والصيف الحارق لا يجد بــدا الا ويستمر في عـمله، لأنـــه لابديل له·
أما البدائل فهي بيد أصحاب الشركات، فهؤلاء الذين يريدون أن ينجزوا مشاريعهم بالسرعة الفائقة فبامكانهم أن يستبدلوا أوقات النهار اللاهبــــــة بمواعيد عمل صباحية باكرة، أو ليلية، وأعتقد أن التطور العلمي أتاح لهؤلاء فرصة استخدام المصابيح الليلية الكاشفـــة التي تحول الليل إلى نهار، وبامكانهم أن يستفيدوا من العلم دون تكاليف مادية، في نفس الوقت يحمون هؤلاء العمال من هذه الأعمال الشاقة والمهلكة والتي قد تؤدي ببعضهم إلى الوفاة·
وحسنا فعلت وزارة الإعلام والثقافة، باصدارها، قرار منع بيع الصحف في الشوارع وهو قرار يعكس الــرؤية الحضارية من جانب الإعلام في قضــــــية تعاملها مع باعة الشوارع ومعاناتهم التي لم يكن لها حدود وخاصة في ضوء حوادث الدهس التي كان يتعرض لها باعة الصحف والاصابة بضربات الشمس·· نتمنى أن يعي أصحاب الشركات مسؤولياتهم وأن ترتفع حرارة ضمائرهم بارتفاع درجات حرارة الصيف، وأن يكتشفوا بأن هناك على أسطح البنايات، وفي الشوارع بشراً من الواجب الانتباه إليهم وانقاذهم من هذا التعذيب اليومي الذي يلاقونه·