مع اشتداد حرارة الصيف تتزايد حوادث انقطاع التيار الكهربائي في عدد من المناطق في الدولة، ولا نعتقد أن هذا الأمر يتناسب ودولة ذات تجربة تنموية حضارية مثل دولتنا التي سجلت قصب السبق في عدد كبير من المجالات التنموية وفي مقدمتها البنية التحتية من شبكات طرق وكهرباء ومياه·
وقد يكون من المقبول انقطاع الكهرباء في أماكن أخرى غير دولتنا، دول تعاني من نقص الموارد وغياب التخطيط السليم في مد شبكات المرافق والبنية التحتية التي تخدم المواطن وتلبي احتياجاته·
ولا نعرف ما السبب في تعطل الكهرباء في عدد من مناطق الدولة، وهل هو راجع للتوسع العمراني الذي تشهده هذه المناطق أم لا؟ وإذا كان الانقطاع بسبب التوسع العمراني فإن بعض المناطق التي تنقطع فيها الكهرباء لا تعاني من ظاهرة التوسع العمراني بل إن الانقطاع يكاد يكون صنواً ملازماً للصيف، وكأن الجهات المعنية عن الكهرباء تقول للناس لا تكفي حرارة الصيف بل يجب أن تكون مصحوبة بانقطاع التيار الكهربائي وما يعنيه ذلك من معاناة للصغير والكبير·
فالكهرباء هي عصب الحياة اليوم، ولا يعقل أن تتكرر ظاهرة انقطاعها في الحي السكني الواحد مرتين في أقل من أسبوع، ولا يعقل أن يتم هذا الانقطاع مع امتحانات الثانوية العامة التي تشهدها البيوت، ولا يعقل أيضاً أن يعيش بعض أرباب الأسر معاناة النظر لأبنائهم وهم يعانون الأمرين في منتصف الليل من جراء غياب أجهزة التكييف ورفعها من الخدمة بسبب الأعطال الكهربائية·
في مناطق كثيرة تتعطل الكهرباء وينقطع التيار الكهربائي ثم يعود، ولا يعرف الناس لماذا انقطع؟ ولماذا عاد، كل ما يعرفه المستهلك أن أطعمة كثيرة، خاست في الثلاجة، وأدوية ضربتها الحرارة العالية، وليالي باتت فيها بعض الأسر مؤرقة إلى أن تأتي الكهرباء·
في مقابل ذلك علينا القول إن القضية ترتبط بشق آخر وهو الاستهلاك المبالغ فيه للطاقة إذ أن البعض لا يراعي قيم الترشيد ولا يركن إلى فقرات التوعية التي تبث ليلاً ونهاراً عبر وسائل الإعلام حول ضرورة الترشيد في استهلاك الطاقة ومنذ سنوات وعدد من مدن الدولة تتصدر الإحصاءات العالمية من حيث ارتفاع استهلاك الفرد من المياه على سبيل المثال، وما يحدث في المياه يحدث في الكهرباء·
الغريب الذي يحزن له المرء أن عمليات انقطاع التيار الكهربائي لا تحرك ساكناً عند عدد من مسؤولي بعض الجهات المعنية بالأمر فلا تحذير من احتمال انقطاع الكهرباء ولا تنبيه للمستهلكين بأنه في ظل الاستهلاك الشره الذي تشهده شبكات الكهرباء قد يحدث خلل من شدة الأحمال الكهربائية وتتعطل الشبكة، لا شيء من هذا القبيل يحدث وتظل هذه الجهات المعنية بقطاع الكهرباء في الدولة مرفوعة من الخدمة، ولا يسمع لها أحد صوتا ولا يصدر عنها اعتذار·
وفي ظل هذه الصورة يتراجع قطاع من أهم القطاعات الخدمية إلى الوراء ونستعيد تلك الصور التقليدية التي كنا نقضي فيها الليل على ضوء القمر ·وعليه العوض·