صورة الهندي وصلت إلى العرب عبر المرويات الشفهية من خلال التجّار والملاحين والربابنة والمسافرين لأغراض شتى، والقاصدين الهند أو مارّين بها إلى الصين، ومن خلال السرديات الكتابية التي أول ما وصلنا منها كتاب «كليلة ودمنة»، رغم قدم العلاقة الهندية العربية لآلاف السنين، والتي كتبها «بيدبا» الفيلسوف في الحكمة وأمور الحكم، بأمر من الملك «دبشليم»، ونقلها من السنسكريتية للفارسية «بزرجمهر»، ونقلها من الفارسية للعربية «ابن المقفّع»، وقدم كتاب «ألف ليلة وليلة» صورة أخرى للهندي، فعرف العرب «السندباد» البحري، وبعض الشخصيات الأخرى. وفي القرن السابع عشر عرف العرب الهند من خلال «ابن بطوطة 1304 - 1377م» في كتابه «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، الذي عرف الهند كقارة تشمل سريلانكا التي كانت تسمى «سرنديب»، والمالديف والبنغال والهمالايا، واستقر فيها عشر سنوات، وتولى القضاء للمذهب المالكي في دلهي أو دهلي، وتزوج منهم، حيث ذكر طقوسهم الاجتماعية، وحرق جثث الموتى أو إغراقها في النهر، وحرق الزوجة بعد وفاة زوجها، حتى أنه ذكر ما يلوكه الهنود، ويقدمونه للضيف الـ«بان»، وغيرها من التفاصيل.
وجاء رحّالة آخرون، ودبلوماسيون، وتجار من أهل الخليج، وشعراء سجلوا حياتهم في الهند، ومرورهم بها، واختلاطهم بأهلها، وقدموا صورة أخرى جلية، ولعل أبرزهم «وديع البستاني» الذي ترجم أهم ملحمتين هنديتين «الراميانة» و«المهابراتا»، بالإضافة إلى شعر وكتابات شاعر الهند العظيم «رابندرنات طاغور»، ولعل أقدم ذكر مكتوب عن تواجد الهنود، ولو تلميحاً في الإمارات يعود للقرن السابع عشر الميلادي، وهو ما جاء في قصيدة «الماجدي بن ظاهر» حين وصف «الطامّة»، وهي الإعصار البحري الذي ضرب رأس الخيمة، ومدناً أخرى، ومدينة «المعيريض» بالذات، وقتل تسعين ألفاً من المسلمين وغير المسلمين «القور»:
تسعين ألف من المعيريض برهدوا
مشروكة ما بين مسلمها وقورها.
ظهرت صورة الهندي في المرويات والسرديات العربية القديمة، مرة تاجراً، ومرة ساحراً، ومرة مهرجاً يرقّص الحيات بمزماره، ومرة أخرى حكيماً فيلسوفاً، وطبيباً حاذقاً، ومرابياً يكتنز المال، وخادماً مخلصاً، في حين ظهرت الهندية كامرأة فائقة الجمال، يُغرم بها فارس عربي، وظهرت مرة كسبيّة تتحول من سوق النخاسة للمحظيات والجاريات، ومرة أخرى جزء من طقوس المعابد والأساطير الدينية، وجزء من الحملات التبشيرية المسيحية، والطبابة والتمريض، في حين ظهرت الهند مرة كبلد للسحر والأساطير، وأرض للعجائب، وبلد البخور والبهارات والعطور، وبلد الحرير والقز والبز، وأرض الفيلة والأخشاب، وبلد الأمراء والمهراجات، ومورد للذهب وسوق للؤلؤ.