حديث إنسان أب ومربٍ حكيم قبل أن يكون حاكماً، ذاك الذي أدلى به صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للقيادات الإعلامية ورؤساء التحرير، خلال حضور سموه في لندن مؤخراً للتوقيع على النسخة الإنجليزية من كتابه «قصة مدينة». في ذلك الحديث الشامل والمتنوع الذي تناول محطات متنوعة من تاريخ المنطقة والأمة، يتوقف المرء ملياً أمام تأكيدات سموه على العودة لقيم ديننا الحنيف، وجوهر رسالته القائمة على الوسطية والاعتدال والأخلاق الرفيعة والخُلق الحميد، كما جاء بها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله المبعوث متمماً لمكارم الأخلاق، عليه الصلاة والسلام. كلمات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، جاءت في ظرف دقيق للغاية تمر به المجتمعات المسلمة، وقبلها العربية، وكذلك منطقتنا الخليجية، خاصة ما تسببت به الجماعات الضالة والمنحرفة التي أرادت اختطاف دين الحق، لتجعل منه مطية لمآربها الخبيثة، وتعطشها للدم والدمار للوصول لما تريد. لقد لخص سموه رؤيته في التصدي لهؤلاء المتطرفين والمنحرفين من خلال التمسك بالأخلاق والقيم النبيلة والنهوض بقيم الإسلام، مستذكرين جميعاً أن «الدين المعاملة» لاستعادة الصورة الحقيقة لهذا الدين العظيم الذي ألحق به سفهاء العصر أكبر تشويه، وهم يتاجرون به ويجعلون منه شعاراً للتسلل إلى المجتمعات وخداع الغافلين لتقويض أمنها واستقرارها، مؤكداً أهمية غرس القيم الأخلاقية في الإنسان، ليثمر هذا الغرس إنساناً مبدعاً في خدمة وطنه ومجتمعه، محصناً ضد التيارات الهدامة المنحرفة والمتطرفة، فذو الخلق الحميد لا ينخدع بالشعارات البراقة ولا تجرفه نحو مسالك الفئات الضالة البائسة. تجيء دعوة سموه ومجتمعنا يشهد حراكاً متفاعلاً مع إدخال مادة التربية الأخلاقية في مناهجنا الدراسية بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. التربية الأخلاقية وترسيخ القيم الأخلاقية، مبادرات لتحصين المجتمع من آفات الأفكار المنحرفة المتطرفة منها والمنحلة لأنها- أي تلك الأفكار- بمثابة السوس الذي ينخر المجتمعات حتى تنهار وتتبدد مواردها ومقدراتها، وشواهد الأمر جلية في مناطق شتى من عالمنا. والعرب جزء من هذا العالم وحالهم - كما قال الشيخ سلطان القاسمي- «هو الأسوأ بين الأمم» و«حجم الخراب والقتل الذي يعيشه العالم العربي يندى له الجبين، وهذا مرده إلى غياب الأخلاق».