«معتقل في قطر: رحلة إلى نهاية الجحيم القطري»، كتاب جديد، صدر الأسبوع الماضي في باريس، لمؤلفه الفرنسي جان بيير مارونجو، وهو كان محكوماً بالسجن في الدوحة، على خلفية قضايا مالية، بعدما كان يدير شركة لمصلحة كفيله القطري.
الكتاب، كما عرضته مجلة «لوبوان الفرنسية»، يكشف عمق العلاقة التنظيمية بين قطر وإرهاب «داعش». يروي مارونجو أن الدوحة اعتقلت 25 قطرياً تجندوا للذهاب إلى سوريا للقتال إلى جانب «داعش» في العام 2017، وسرعان ما اكتشف أن الأمر ليس سوى سيناريو استخباراتي تمثيلي، يمنح للصحافة الغربية قصة وهمية عن مكافحة الأمن القطري لـ«داعش»، في مرحلة تزايدت فيها الاتهامات الإعلامية لقطر بدعم التنظيم في سوريا، وإجراء اتصالات مع قياداته.
وفقاً لمارونجو، فإن «معتقلي داعش المفترضين»، ليسوا سوى خلية تنظيمية، تدير السجن، وتبحث عن مجندين، فهم كانوا قادرين على مغادرة السجن، أو العودة إليه في أي لحظة، ويتزعمهم «أمير»، يُجبر السجناء المسلمين على إطالة لحاهم، ويمنع التدخين، والهواتف، ويفرض على غير المسلمين دفع الجزية، وكان على مارونجو أن يقدم للخلية قراءة للإعلام الغربي، وما يعرضه حول «داعش»، ثمناً لإعفائه من «رسوم الحماية» المفروضة على الأجانب، على أن يكتم كل ما شاهده من مظاهر حظوة الدواعش في السجن، تحت طائلة التهديد بالقتل.
ما يعرضه الكتاب، لا يشكل مفاجأة لكثيرين، فالنظام القطري ارتبط علانية بعلاقات مع غالبية التنظيمات المتطرفة في السنوات الأخيرة، وبينها «داعش»، وأجهزة الدعاية القطرية، وفي مقدمتها «الجزيرة» التي تمتعت حصرياً بنشر الأخبار والمقابلات الخاصة مع قادة التطرّف والإرهاب، كما أن الوساطات والاتصالات بين الاستخبارات القطرية ودوائر التنظيمات موثقة، والأمر تعدى مرحلة الشبهات إلى الحقائق الدامغة في اتجاه دعم الميليشيات الإرهابية وتمويلها وتشكيل خلاياها، والترويج لها دعائياً.
أهم ما في الكتاب، أنه يضيف دليلاً جديداً على أن النظام القطري يمسك بخيوط «داعش»، وغيره من التنظيمات المتوحشة، وتالياً، يتعين على المجتمع الدولي، والبلدان العربية والإسلامية التي تضررت بقسوة جراء جرائم «داعش»، أن تجد الوسائل القانونية لمحاسبة قطر، فثمة أدلة وشهادات وشهود، خصوصاً بعد انهيار التنظيم في معاقله الأساسية، وحصاره في حواضنه الاجتماعية السابقة.
تُسأل الدوحة عن سنوات داعش السود، فلطالما نفى أميرها أي علاقة لبلاده بالتنظيم، وها هي سجونها تصنع الكارثة، وتوزع الدم والتوحش. تُسأل الإدارة الأمنية القطرية عن الخفايا والغموض في ظاهرة «داعش»، وعن التمويل، وعن دماء الضحايا السوريين والعراقيين والأردنيين، وتُسأل عن الصلة بين قواعد التنظيم في الدوحة، والعمليات الإجرامية التي شهدها أكثر من بلد أوروبي.
كل ما هو مطلوب بعد كتاب مارونجو أن يُفتح ملف قطر الداعشي، وألا يطوي التجاهل المقصود أكبر فضيحة في التآمر بين «دولة» وعصابة إجرامية..!